ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالسمع والطاعة لكلّ من ولى عليهم من عبد أسود وغير أسود ولا يكون الطاعة إلا في معروف؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد أعلمهم في غير موضع إنما الطاعة المعروف (١). ومنها: أنه عليه السلام أعلمهم أنه سيكون بعده اختلاف كثير بين الناس فأمرهم صلى الله عليه السلام بلزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وحثهم على أن يتمسكوا بها التمسك الشديد مثل ما يعضّ الإنسان بأضراسه على الشيء يريد أن لا ينفلت منه، فواجب على كل مسلم أن يتّبع سنة النبي عليه السلام ولا يعمل شيئًا إلا بسنته عليه السلام وسنة الخلفاء الراشدين بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم، وكذلك [ق ٤٨/ ١ مكرر / ب] وكذلك لا يخرج عن قول صحابته فإنه يرشد إن شاء الله تعالى.
(١) أخرج البخاري في "صحيحه" (٦/ ١٥١) (٤٣٤٠)، ومسلم في "صحيحه" (٣/ ١٤٦٩) (١٤٨٠) من طريق سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه، فغضب، فقال: أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطبا، فجمعوا، فقال: أوقدوا نارا، فأوقدوها، فقال: ادخلوها، فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا، ويقولون: فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار، فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف».