للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أن بعض الحكماء أوصى رجلا فقال: "آمرك في حاجة نفسك بمجاهدة هواك، فإنه يقال الهوى مفتاح السيئات وخصيم الحسنات، وكل أهوائك لك عدو وأعداها لك هوى يكتمك نفسه، وأعدى لك من ذلك هوى يمثل لك الإثم في صورة التقوى" (١).

ألا فهذه الطائفة الخبيثة تمثل لهم الآثام والمعاصي والحوادث والبدع والأهواء في صورة التقوى [ق ٥٥ / ب]

ألا فاحذروهم فإنهم زنادقة ومردة، لا ينقادون إلى الحق، ولا يلوون عليه، ولا يتبعون الصدق، ولا يستمعون إليه، ولا يخشون من الله الوقوف بين يديه، وأقول شعرا:

يا سالِكي سُبُلَ العُدوانِ وَالتُهَمِ ... وَبِائعي نِعَمِ الرَحمَنِ بِالنِقَمِ

خالفتم الله في آياتٍ منزلة ... ثم الرسول بما المسنون مرتسم

أَلبَستُمُ الدينَ عاراً مِن فِعالِكُم ... ما ليسَ يَحسُنُ مِن عربٍ ولا عَجَمِ

سَمّيتُمُ الرّقص مِن لهوٍ ومِن لَعبٍ ... دِيناً وقُربى إلى الرَحمَنِ ذِي الكَرمِ

يا مُشبهي حُمُرَ الصَحراءِ رائحةً ... لمّا تَمَلّت مِن الخضراءِ والدّيمِ

هل كَان فِيما مَضَى مِن فِعلِ سَيّدكُم ... ضَربُ القَضِيب وركضُ الأرض بِالقَدمِ

لا والذي خلق الأشياءَ مُقتدِراً ... إلا الصّيَامَ وحجَ البيتِ ذي الحَرمِ

ثُم الصلاةَ وإيتاءَ الزكاةِ معاً ... ثُم القيامَ لربِ العَرشِ فِي الظُلَمِ

ثُم الجِهادَ وتعليمَ الفروضِ وَمَا ... يحتاجُه الناسُ مٍن قَوْلٍ ومٍن كَلِمِ

هَلا اعتبرتُم بِما سَمّتُه أمّتُكُم ... إن كُنتُم مِن بينها يا أولي التُهَمِ

جعلتُم قصةَ الحُبشَان حجّتكُم ... ولم تعوجوا على الأحكامِ والحِكَمِ

سمته لهوًا ولعبًا في الحديث وما ... سمته دينًا فكنتم من أولي الصمم

ولم يُكن فِعلُهم شبهاً لِفعلِكُم ... لكنكُم زِدتُم [ق ٥٦ /أ] بالأكلِ والبَشمِ (٢)

جعلتُمُوه لأكل الخُبزِ مصيدة ... وللفَسادِ مع الأحرارِ والخدمِ

جعلتُم الشيخَ هاديكُم فقادَكُمُ ... إلى الضّلالِ وكُنتُم مِن أولي البَكَمِ


(١) ذكره أبو إسحاق الحُصري في "زهر الآداب" (٣/ ٨٧١).
(٢) قَالَ اللَّيْث: البَشمُ: تُخمَةٌ على الدَّسَم.

<<  <   >  >>