للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: "لو أنّ رجلاً أخذ بقول أهل المدينة في السّماع - يعني الغناء- وإتيان النساء في أدبارهن وبقول أهل مكة في المتعة والصرف وبقول أهل الكوفة في المسكر؛ لكان شر عباد الله" (١). قال إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه: "من حمل شاذّ العلماء فقد حمل شرًّا كثيرًا" (٢). وروي عن سفيان [ق ٥٥ /أ] بن عيينة رضي الله عنه أنه قال: "من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر، وذلك إبليس اللعين إنما منعه من السجود استكباره" (٣)، وقال: "من كانت معصيته في شهوته فأرجوا له التوبة، فإنّ آدم صلى الله عليه وسلم عصى مشتهيًا فغفر له، ومن كانت معصيته كبرًا فأخشى عليه اللعنة، فإن إبليس عصى متكبرًا فلعن" (٤). ألا فهذه الطائفة التي زعمت أن الرقص واستماع الغناء والشبابات حسنًا تستحق من الله تعالى اللعنة، ومن أوليائه كما يستحق إبليس وحزبه على ما قاله سفيان رضي الله عنه؛ لأنهم يفعلون ذلك كبرًا ويزعمون أنهم خير ممن أنكر عليهم هذه الأفعال المذمومة، والأقوال الفاحشة الباطلة المبثوثة. وقال أبو علي الروذباري (٥) رحمة الله عليه: "هذا مذهب كله جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل" (٦)،


(١) إسناده ضعيف - أخرجه الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص/٦٦) من طريق يحيى بن طالب الأنطاكي، حدثنا محمد بن مسعود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر به، ويحيى لم أجد فيه جرحا ولا تعديلا.
(٢) أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (٥/ ٥٤) (٨٤٢).
(٣) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٢٧١).
(٤) إسناده ضعيف - أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٢٧٢)، والبيهقي في "الشعب" (١٠/ ٤٦٩) (٧٨٦٧) من طريق سنيد بن داود، عن ابن عيينة به، وقال الحافظ عن سنيد: " ضعف مع إمامته ومعرفته لكونه كان يلقن حجاج بن محمد شيخه".
(٥) هو" محمد بن احمد بن القاسم الروذباري، البغدادي الاصل (أبو علي) صوفي، فقيه، محدث، نحوي، شاعر، من ابناء الرؤساء والوزراء والكتبة. لزم الجنيد، وأقام بمصر. له تصانيف في التصوف. توفي عام (٣٢٢ هـ)، وله ترجمة في: تاريخ بغداد (١/ ٣٤٧)، ومعجم المؤلفين (٨/ ٣٠٨)، والأعلام (٥/ ٣٠٨)، وغيرها.
(٦) ذكره السلمي في "طبقات الصوفية" (ص/٢٧١)، والقشيري في "الرسالة القشيرية" (١/ ١١٩) مطولا، ولفظه: (سئل أبو علي الروذباري عمن يسمع الملاهي ويقول: هي لي حلال، لأني وصلت إلى درجة لا تؤثِّر في اختلاف الأحوال .. فقال: نعم، قد وصل، ولكن إلى سقر! ! وسئل عن التصوف، فقال: هذا مذهب كله جدُّ، فلا تخلطوه بشيء من الهزل).

<<  <   >  >>