للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما قد بيّن العلماء في مصنفاتهم، وقد كان ابن أخيها القاسم بن محمد رضي الله عنه وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة يذمّ الغناء (١)، وقد أخذ العلم عنها وتأدب بآدابها، فبطل ما قال الأغمار الضلال ورؤساء الجهّال، وصحّ ما قلناه والحمد لله رب العالمين، فإن عارضنا بعض من افتتن بسماع الغناء، وقال: وقد روي أنه وقد رخص في الغناء في العرس مع ضرب الدفوف. قيل له حجة لك في هذا بل الحجة عليك إن أنصفت من نفسك. فإن قال بماذا؟ قيل له: قولك رخّص في الغناء في العرس دليل على تحريم الغناء في الأصل، ثم جاءت الرخصة في العرس لمعنى لا تعقله ولا تميّزه، فإن قال: فبينة. قيل له: كان الرجل إذا وجد مع المرأة، فأنكر عليه. قال: هي زوجتي. فقيل لهم: أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدفوف، واظهروا عليه [ق ٥٩ /أ] الغناء حتى يعلم أن فلانًا قد تزوّج فلانة، ويسقط عنهما سوء الظن، ولم يكن الدفوف التي كانت يضرب بها مثل هذه الدفوف التي استعملها الفسّاق وممن يغني يضربها إنما كانت مثل الغرابيل الواسعة إذا ضربت المرأة بها ليس لصوتها لذة تطرب ولا تفتن إنما لها صوت ليعلم أنه تزويج، ولم يكن ذلك الغناء الذي ذكر مثل هذا الغناء القبيح الذي يذكر فيه عشق الجواري وصفتهنّ وعشق الغلام الأمرد حتى يوصف بكلّ معنى لا يحلّ وصفه ويوصف الخمر بكل ما فيه وكلّ ذلك فتنة على السّامع مما يذمّه العلماء وينكرونه على من نطق به وعلى من يسمعه. فإن قال قائل: فاذكر بعض ما كان يغنّي به في الأعراس التي زعم من زعم أنه رخّص فيه أن يغنى به في الأعراس، قيل له: قد تأدّى إلينا منها أشياء إذا سمعها أهل عصرنا هذا لم يكن لهم فيها لذّة ولا يحبّونه نعم، وعندهم الذي يغنّي به أحمق، والذي يسمعه أحمق منه، فأما الحديث الذي فيه الرخصة، فقد روي أبو عبيد القاسم رحمه الله بإسناده عن محمد بن حاطب الجمحي رحمه الله قال: قال رسول الله: "فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدفوف في النكاح" (٢) قال [ق ٥٩ / ب] قال أبو عبيدة (٣):


(١) سيأتي تخريجه بإذن الله.
(٢) صحيح - أخرجه النسائي في "سننه" (٦/ ١٢٧) (٣٣٦٩)، وابن ماجه في "سننه" (١/ ٦١١) (١٨٩٦)، وسعيد بن منصور في "سننه" (١/ ٢٠٢) (٦٢٩)، وأحمد في "مسنده" (٢٤/ ١٨٩) (١٥٤٥١)، والطبراني في "الكبير" (١٩/ ٢٤٢) (٥٤٢)، وغيرهم من طريق أبي بلج عن محمد بن حاطب رضي الله عنه به، وإسناده صحيح.
(٣) غريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٦٥) ..

<<  <   >  >>