للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي أن رجلاً قال لمعافي بن عمران (١) ما تقول في الرجل يقول الشعر ويلهج به (٢)؟ قال هو عمرك فأفنه كيف شئت (٣). وروي أن هلال بن العلاء قال: كتب إليّ حسين بن عياش: عافانا الله وإيّاك وعفا عنَّا وعنك أنت حفظكم الله تعلم موقعك من قلوبنا وحالك عندنا، وقد شكاك إلي أبوك لتشاغلك بطلب الشعر عن معاشك، فتعلم وفقك الله أن إغراقك في هذا الذي أنت فيه يدعوا إلى تعلّق القلب بالملاهي وبقول الأشعار بعدها، وقد يقال إن أدنى مروءة العاقل قول الشعر، وأن أشرف مروءة الأحمق بالشعر فعليك من هذا الأمر بالضحضاح (٤)، وإيّاك والغمر (٥) والسلام، ألا والذي أعرفكم أن الخفيف من الشعر واليسير منه نحو البيت والبيتين للتمثيل ونحوه غير حرام، ولا مذموم عند العلماء، وقد استعمله غير واحد من السلف وهو ما كان في معنى قوله صلى الله عليه وسلم "وإن من الشعر لحكمة" (٦)، وفي لفظ [ق ٦٦ / ب] قال: "حكما" و "الشعر كالكلام حسنه حسن وقبيحه قبيح".


(١) هو: المعافى بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة بن عبيد بن لبيد الازدي، الفهمي، الموصلي (أبو مسعود) محدث، فقيه، أديب. رحل في طلب العلم إلى الآفاق، وجالس العلماء، ولزم سفيان الثوري وتأدب بآدابه وتفقه به وأكثر عنه وعن غيره، فصنف كتبا في السنن والزهد والأدب. ولد سنة نيف وعشرين ومائة. توفي سنة أربع، وقيل خمس، وقيل س وثمانين ومائة، وترجمته في سير أعلام النبلاء (٧/ ٥٢١) (١٣٣٦)، الأعلام (٧/ ٢٦٠)، ومعجم المؤلفين (١٢/ ٣٠٣).
(٢) في الحاشية: "حريص، وفصيح لسان".
(٣) أخرجه بنحوه أبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٢٨٩).
(٤) أي النذر اليسير كالتمثل بالبيت والبيتين أحيانا.
(٥) أي الكثير، والمقصود تحذيره من التعمق والانشغال به.
(٦) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>