للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى الشافعي رحمه الله نحو هذا فأمّا الشعر وروايته والإكثار منه فهو الذي جاء فيه الإنكار والنهي وحسبك من ذمّ الشعر وإسقاط مرتبته تنزيه الله نبيّه صلى الله عليه وسلم عنه وعن قوله وروايته، وقد زعم بعض أهل البدع والضلال ممن لا خلاق لقوله أنه عليه السلام كان يقدر على قول الشعر المنظوم كما يقدر على الكلام المنثور، إلا أنه كان يتحاشاه ويتنزه عنه، وليس الأمر في هذا كما زعمه بجهله وتوهّمه بقلة عقله، ويدلّ على فساد ما قاله [من] هذا الزعم قول الله عز وجل: {عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩]، فثبت أنّه عليه السلام لو رام أن يقوله لم يتأت له من أمه، وإنما قطعه عن الشعر، وقوله واقتنائه صيانة للقرآن وقطعًا لدعوى من ينحل النبي صلى الله عليه وسلم صنعة الشعر، فكيف يجوز أن يكون مع ذلك قادرًا عليه متسعًا له، وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: "ما تغنيت" (١). فتبرأ من التغنّي وتبحح (٢) بتركه وتنزه عن فعله. هذا حديث رواه ابن ماجة في سنه. وروي عن ابن [ق ٦٧ /أ] مسعود رضي الله عنه وغيره أنه قالوا: "الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل" (٣).


(١) ضعيف - أخرجه ابن ماجه في "سننه" (١/ ١١٣) (٣١١) بسند فيه الصلت بن دينار قال عنه الذهبي: "قال أحمد: تركوا حديثه"، وقال عنه ابن حجر: "متروك ناصبي". وأخرجه مطولا أبو يعلى في "معجمه" مطولا من حديث أنس، وفيه أبو بهز الصقر بن عبدالرحمن، قال عنه أبو بكر بن أبي شيبة: "كان يضع الحديث"، وقال عنه أبو علي جزرة: "كذاب"، وقال ابن المديني عن الحديث أنه كذب موضوع. وأخرجه الدينوري في "المجالسة" (٢/ ١٦٢) (٢٨٥) من طريق سفيان بن عيينة عن عثمان بنحوه، وهو إسناد منقطع فأين ابن عيينة من عثمان بينهما مفاوز، وهذا أمثل أسانيده، وقد حقق الشيخ مشهور في حاشيته على المجالسة أن لفظت: "تغنيت" مصحفة، وأن الأنسب: "تعتيت" وهي من العُتو من العصيان والتجبر.
(٢) المقصود أنه صاح وأعلن بتركه.
(٣) ضعيف بهذا التمام، صحيح بدون ذكر آخره - أخرجه أبو بكر بن الخلال في "السنة" (٥/ ٧٦) (١٦٥٨)، وابن بطة في "الإبانة" (٢/ ٧٠٣) (٩٤٦)، وغيرهما من طريق وكيع عن سلام بن مسكين عن شيخ عن أبي وائل عن ابن مسعود به، وفيه جهالة شيخ سلام .. وقد روى من طرق أخرى عند ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" وغيره عن ابن مسعود مختصرا بدون ذكر آخره، وصححه ابن القيم، والشيخ الألباني، وغيرهما.

<<  <   >  >>