للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا هي ساهية مصغية بسمعها مائلة بجسدها كله إلى صوت غناء تسمعه في ناحية العسكر فأمرها فتنحت [ق ٦٨ / ب] واستمع هو الصوت، فإذا هو صوت رجل يغنّي، فأنصت حتى فهم ما يغنّي من الشعر، ثم دعا بجارية من جواريه غيرها، فتوضأ، فلما أصبح أذن للناس [إذنا] عامًا، فلما أخذوا مجالسهم أجرى ذكر الغناء، ومن كان يسمعه وليّن فيه حتى ظنّ القوم أنه يشتهيه، فأفاضوا [في التليين والتحليل والتسهيل فقال هل بقي أحد يسمع منه فقام رجل من القوم فقال يا أمير المؤمنين عندي رجلان من أهل أيلة حاذقان قال وأين منزلك من العسكر فأومى إلى الناحية التي كان الغناء منها فقال سليمان يبعث إليهما فوجد الرسول أحدهما فأقبل به حتى أدخله على سليمان فقال له ما اسمك قال سمير فسأله عن الغناء كيف هو فيه فقال حاذق محكم قال ومتى عهدك به قال في ليلتي هذه الماضية قال وفي أي نواحي العسكر كنت فذكر له الناحية التي سمع منها الصوت قال فما غنيت فذكر الشعر الذي سمعه سليمان فأقبل سليمان فقال هدر الجمل فضبعت الناقة وهب التيس فشكرت الشاة وهدل الحمام فزافت الحمامة وغنى الرجل فطربت المرأة ثم أمر به فخصي وسأل عن الغناء أين أصله وأكثر ما يكون قالوا بالمدينة وهو في المخنثين وهم الحذاق به والأئمة فيه فكتب إلى عامله على المدينة وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أخصي من قبلك من المخنثين المغنين] (١). لا يفعلون ذلك إلا وهم كافرون لما يعتقدون (٢) أنهم يتقرّبون إلى الله عز وجل بأعمال يفسق بها غيرهم. وفي لفظ: سئل مالك بن أنس رضي الله عنه عن الرجل يشتري الجارية يعلمها الغناء يريد بها التجارة، فقال: "لو أن لهؤلاء سلطانًا لكانوا أهلاً أن ينكل بهم". وفي لفظ قال: "ما أحوج هؤلاء إلى سلطان يقيم فيهم حدود الله تعالى هم أهل [أن] ينكل بهم (٣) "، فقيل له: هل رأيت أحدًا يسمعه أو يجلس إليه.


(١) ساقطة من الأصل، وذكره أبو الفرج الأصبهاني في "الأغاني" (٤/ ٢٧٠)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص/٢١٠).
(٢) بالأصل: " يزعمون يعتقدون" والعبارة قلقة، ويبدو أن بها سقط، ويحمل كفرهم هنا على الكفر الأصغر، وسبق توجيه مثل هذه الإطلاقات والعبارات قبل ذلك.
(٣) وبالأصل: " هم أهل ينكل من النكال بهم".

<<  <   >  >>