للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "لا، بل رأيت الناس يمنعون أبناءهم وسفهاءهم عن الجلوس إلى المغنّي وعن استماعه"، وهذا حديث صحيح عن مالك رضي الله عنه؛ لأنه روي بأسانيد صحاح، وقال القاضي أبو الطيب الطبري رحمه الله: "أمّا مالك رحمه الله فإنه نهى عن الغناء واستماعه"، وقال: "إذا اشترى جارية فوجدها مغنّية كان له ردّها بالعيب"، وهو [ق ٦٩ /أ] مذهب سائر أهل العلم إلا إبراهيم بن سعد (١) فإنه حكى زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسًا. قال الشيخ أبو بكر الطرطوشي (٢) رحمه الله: إبراهيم بن سعد ليس هو من أهل الاجتهاد والفتوى في الدين، ثم لم يوضح الراوي صفة ما أجازه من الغناء، فلعلّه ينشد القصائد التي لا تطرب ولا تلحن على النغمات الموسيقية، ومثل ذلك فإنه مباح، وهذا الخلاف من هذين الرجلين (٣)


(١) بالأصل: "سعيد"، وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى، أبو إسحاق المدنى من العلماء بالحديث الثقات، من أهل المدينة المنورة. نقل الخطيب أن إبراهيم كان يجيز الغناء بالعود. روى له البخاري ومسلم، وولي القضاء ببغداد، وتوفي بها علم (١٨٥ هـ). بقي من آثاره نحو ٢٠ صفحة بعنوان (نسخة إبراهيم) ومنها نسخة بدار الكتب، في الحديث. وله ترجمة في سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٠٤) (٨١)، تهذيب الكمال (٢/ ٨٨) (١٧٤)، الأعلام (١/ ٤٠).
(٢) هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري، المالكي، المعروف بالطرطوشي، ويعرف بابن أبي رندقة (أبو بكر) فقيه، أصولي، محدث، مفسر. ولد سنة ٤٥١ هـ تقريبا، ونشأ في طرطوشة بالأندلس، ورحل إلى المشرق فدخل بغداد والبصرة، وسكن الشام، ونزل بيت المقدس، وأخذ عن جماعة، وتوفي بالاسكندرية في جمادى الاولى عام ٥٢٠ هـ. من تصانيفه: سراج الملوك، الدعاء، الحوادث والبدع، مختصر تفسير الثعالبي، وشرح رسالة ابن أبي زيد. وله ترجمة في: الديباج المذهب (٢/ ٢٤٤)، وفيات الأعيان (٤/ ٢٦٢)، معجم المؤلفين (١٢/ ٩٦)، الأعلام (٧/ ١٣٣)، وغيرها.
(٣) وهما: إبراهيم بن سعد، فإن الساجى حكى عنه: أنه كان لا يرى به بأساً، كما نقل المؤلف عنه، والثانى: عبيد الله بن الحسن العنبرى، قاضى البصرة. وانظر إغاثة اللهفان (١/ ٢٣٠) ..

<<  <   >  >>