للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر رسول الله عليه السلام ولزم طريقته، فإن أبواب الخيرات كلها مفتوحة عليه، وقال أبو علي بن الحسن بن علي الجرجاني رحمة الله عليه: أصح الطرق وأعمرها وأبعدها من الشبهات إتباع السنة قولاً وفعلاً وعزمًا وعقدًا؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: ٥٤]، فقيل له: كيف الطريق لاتباع السنة؟ قال: بمجانبة البدع وإتباع ما اجتمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام والتباعد من مجالسة الكلام وأهله، ولزوم طريقة الاقتداء بذلك إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] ألا فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: "إِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ عَلَيْكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثًا فَعَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ" (١).


(١) حسن لغيره - أخرجه المروزي في "السنة" (ص/٢٩) (٨٠) من طريق عيسى بن يونس، وابن بطة في "الإبانة" (١/ ٣٢٩)) (١٨٠) من طريق جرير، كلاهما عن الأعمش عن جامع بن شداد عن أبي الشعثاء سليم بن أسود عن ابن مسعود بنحوه، وهذا إسناد صحيح رواته ثقات، إلا أن الأعمش مدلس وقد عنعنه.
ورواه النسائي في "جزئه" (ص/٥٩) (٢١) من طريق أبي معاوية، وابن بطة في "الإبانة" (١/ ٣٣٠) (١٨٣) من طريق أبي عوانة - كلاهما - عن الأعمش عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال عن ابن مسعود بنحوه، وهذا إسناد صحيح رواته ثقات، إلا أن الأعمش قد عنعنه.
ورواه عن الأعمش حفص بن غياث عند الدارمي في "سننه" (١/ ٢٧٠) (١٧٤)، ولكنه أرسله فقال: عن ابن مسعود بنحوه، قال حفص: "كنت أسند عن حبيب، عن أبي عبد الرحمن، ثم دخلني منه شك ".

والأعمش لم ينفرد به فقد روى وكيع في "الزهد" (ص/٥٩١) (٣١٦)، وابن بطة في "الإبانة" (١/ ٣٣٠) (١٨٢) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن ابن مسعود بنحوه، ورواته ثقات إلا أن حبيبا مدلس، والإسناد منقطع بين عمارة وابن مسعود، والأثر يتقوى من هذا الطريق وطريق الأعمش.

<<  <   >  >>