للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-يعني الرصاص المذاب- عقوبة لاستماع لما حرّمه الله تعالى، وقال مكحول رحمة الله عليه: "من مات وعنده مغنّية لا يصلي عليه" (١) ألا فقل لمن أباح سماع الغناء واتبع نفسه هواها [ق ٧١ / ب] وأعطاها من هذا الأمر لذتها ومناها دعواك القبيحة على مالك وعلى الشافعي رضي الله عنهما أقبح [و] أفحش من فعلك واحتجاجك أفحش [و] أقبح من ذنبك؛ لأنك تريد أن تخرج الباطل في صورة الحقّ، وترى الناس معاصيك لله عز وجل ليست بمعصية، بل هي طاعة اتبعت فيها الأثر، فأنت في هذا أضرّ على أمّة محمد صلى الله عليه وسلم من إبليس في بعض تحسينه؛ لأن إبليس إذا حسّن للعبد المعصية وحبّب إليه الفاحشة قال له: إنّ الله وعد بقبول التوبة والمغفرة والرضوان لمن تاب، فإذا قضيتم لذّتكم وبلغتم شهوتكم، وتبتم غفر الله لكم وأنت أيّها الجاهل المتعالم المتغافل المتظالم الغمر المتغاشم تقول لهم إنكم عاملون بعلم، ومتبعون مذهب الإمامين مالك والشافعي رحمهما الله وغيرهما من العلماء المحققين والعبّاد الصادقين، وأنتم عاملون بالعلم وعابدون لله عز وجل، وأنتم المتبعون العاملون. فنقول له: على زعمك (٢) لا تحتاج مع فتياك هذه متاجرة لله عز وجل ولا معاملة هي أربح لك من استماع الغناء والطرب، فاعمل الآن مجلسًا تعلم فيه الناس الرقص واستماع الغناء والشبابات التي تزعم أنه مذهب مالك والشافعي رحمة [ق ٧٢ /أ] الله عليهما ترجوا بذلك الفوز غدًا كما أن أهل العلم يعلمون الناس مذهبهما في علم الكتاب والسنة ما أنت إلا كما قال الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧] ما أنت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا كالطاغوت الذي يخرج الناس من النور إلى الظلمات. وسئل الإمام مالك رحمة الله عليه عن اللعب بالشطرنج فقال للسائل (٣):


(١) لم أقف عليه مسندا من قول مكحول، وقال ابن زغدان في "فرح الأسماع برخص السماع" (ص: ١٠٢): (ورووا من طريق ابن شعبان قال: روى هاشم بن ناصح عن عمر بن موسى عن مكحول عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلوا عليه: وهو حديث مردود؛ لأن هشاما وعمر مجهولان، ومكحول لم يلق عائشة).
(٢) بالأصل: " لا على زعمك على زعمك".
(٣) بالأصل: "السائلة" ..

<<  <   >  >>