للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام أبو الفرج عبدالله بن علي رضي الله عنه (١): أما مذهب الإمام أحمد رحمة الله عليه فإنه كان الغناء في زمانه قصائد الزهد لأنهم لما كانوا يلحنونها اختلفت الرواية عنه، فروي عن ابنه عبد الله رحمه الله أنه قال: "الغناء ينبت النفاق في [القلب] ولا يعجبني". وروى عنه إسماعيل بن إسحاق الثقفي أنه سئل عن استماع القصائد. فقال: "أكرهها هو بدعة ولا يجالَسون". وروى عنه يعقوب الهاشمي أنه قال: "التغبير (٢) بدعة محدث". وقال الحافظ أبو بكر الأثرم: سمعت الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول التغبير محدث. وروى عنه يعقوب بن بختان أنه قال: أكره التغبير، وأنه (٣) نهي استماعه، فهذه الروايات كلها دليل على تحريم الغناء، وقال أبو بكر الخلال [ق ٧٣ / ب] رحمه الله إنما كره أحمد القصائد لما قيل له إنهم يتماجنون ويتصافقون (٤)، ثم روي عنه أنه يدل على أنّه لا بأس بها. قال المروزي: سألت أبا عبد الله عن القصائد فقال: بدعة. فقلت له: يهجرون، فقال: لا يبلغ بهذا كلّه، وقد روينا أن الإمام أحمد رحمه الله سمع قوالاً عند ابنه صالح فلم ينكر عليه، وإنما أشار إلى ما كان في زمانهم من القصائد الزهديات ينشدونها بغير تلحين، وعلى هذا يحمل ما لا يكرهه أحمد، ويدل على ما قلت (٥)


(١) تلبيس إبليس (ص/٢٠٣).
(٢) قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان": " وهو شعر يزهد فى الدنيا، يغنى به مغنّ فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخذة على توقيع غنائه" وقال السفاريني في "غذاء الألباب: " قال الصغاني في كتاب مجمع البحرين: المغبرة قوم يغبرون ويذكرون الله عز وجل بدعاء وتضرع كما قال: عبادك المغبرة رش علينا المغفرة. وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر تغبيرا لأنهم إذا تناشدوه بالألحان طربوا فرقصوا وأهزجوا فسموا المغبرة لهذا المعنى. وقال ابن دريد: التغبير تهليل أو ترديد صوت يردد بقراءة أو غيرها. قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: أرى الزنادقة وضعوا هذا التغبير ليصدوا الناس عن ذكر الله تعالى وقراءة القرآن. وقال الزجاج: مغبرين لتزهيدهم الناس في الفانية وهي الدنيا وترغيبهم إياهم في الآخرة وهي الغابرة الباقية. انتهى" ..
(٣) بالأصل: "فإنه" والتصويب من تلبيس إبليس.
(٤) بالأصل: "ويتصاقعون".
(٥) بالأصل: "قبله"، والتصويب من تلبيس إبليس ..

<<  <   >  >>