ألا فمهما رأى الإنسان أو علم شيئًا من الشبهات التي تشبه الكرامات والإلهام أو ما يشبههما من شرّ اقتراب الساعة وفتنتها، وغير ذلك منامًا أو يقظته فواجب عليه، ألا تعتمد على شيء من ذلك حتى يعرضه على ما في كتاب الله تعالى وعلى ما في أحاديث رسول الله عليه السلام أو على أثر من آثار الخلفاء الراشدين الذين قضوا بالحقّ وبه كانوا يعدلون، فإن وجد فليعلم أنّها لمة الملكة وإن لم يجد فليعلم أنّها من الشيطان الرجيم وممّا فيه سخط الرحمن الرحيم، وروى مالك بن دينار وحبيب العجمي رضي الله عنهما قالا:"إن الشيطان ليلعب بالقرّاء –يعني بالزهّاد- كما يلعب الصبيان بالجوز"(١). ألا والذي أعرفكم أن الله تعالى أخبرنا أن من سنّته في رسله وسيرته في أنبيائه صلواته وسلامه عليهم أجمعين إذا قالوا عن الله تعالى قولاً زاد الشيطان فيه من قبل نفسه كما يفعل في سائر المعاصي يقول تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}[الحج: ٥٢] أيّ تلاوته، {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ}[ق ٨٩ /ب] وكان سبب نزول هذه الآية ما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه
(١) ذكرهما أبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٣٧٥)، (٦/ ١٥٢).