للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا فقد أوعزنا إليكم بوصيّة أن تجعلوا القرآن والأحاديث النبوية أمامكم وجرّدوها قدّامكم ولا تحملوا عليهما ما ليس فيهما ولا تربطوا بهما ما ليس منهما ولا تقلّدوا غيرهما اللّهم إلا أن يكون من آثار الصحابة موافقًا لهما، ألا فاعتبروا يا أولي القلوب والأبصار ومن بقلبه أدنى حبوة، هذا رسول الله عليه السلام وهو في الصلاة ويقرأ كلام الله المنزل عليه غير مخلوق، فزاد الشيطان في الذي نزل عليه بين سكتاته وهو في صلواته أنهنّ الغرانيق العلى وإن شفاعتهنّ لترجي –يعني الأصنام- وكانوا يقولون أنّها [ق ٩٠ /ب] أجسام طاهرة ليس لها ذنوب، فهي أولى بالعبادة من غيرها من الملوك والملائكة؛ لأنه لهم ذنوبًا وهم ذوو أرواح فشبّهوا الأصنام بالغرانيق والغرانيق هي الذكور من طيور الماء؛ لكونها تعلو وترتفع في السماء، ألا فهذا ما جرى لنبيّنا صلى الله عليه وسلم وهو أعبد البشر وخير الأنبياء والمرسلين وأفضلهم وأكرمهم وخير الخلائق أجمعين وأحبّهم إلى الله عز وجل وإلى أوليائه، ألا واذكروا ما جرى إلى أبوينا آدم وحواء وما جرى لداود ولإخوة يوسف الصديق صلوات الله عليهم أجمعين، وما جرى للملكين هاروت وماروت وغيرهم من الأولياء والصالحين من تزيين الأبالسة والشياطين ومن سحرهم وتدقيق مكرهم وجعلهم فإذ ذلك كذلك، فكيف يأمن على نفسه من دونهم ومع ذلك فما ظنّكم يا أخوتي برفيع ظهر عليه أشياء من الشبهات واشتهر بما يشبه الإلهام والكرامات والمكاشفات من سفهاء الأعاجم والأعراب، ومن جهّال الفلاحين والأكراد، الله المستعان، ما أكثر ما قد ظهر في البرّ والبحر من الفساد وما قد كثر فينا من القاضين إلى الارتداد، وهم الذين روى فيهم [ق ٩١ / أ] الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكون بين يدي الساعة دجّالون كذّابون"، قالوا: جلهم لنا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "يأتونكم بسنّة غير سنّتكم، ويبدّلون سنّتكم ودينكم، فاجتنبوهم وعادوهم" (١)،


(١) إسناده ضعيف والحديث حسن - أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٣/ ١٥) (١٣٩٠٤) من طريق علي بن عبد العزيز، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس ابن الربيع، عن إياد بن لقيط، عن عبد الرحمن بن نعيم أخي بني الأعرج، قال: جاء رجل عشية عرفة إلى ابن عمر الحديث بنحوه وفيه عبدالرحمن بن نعيم لم يوثقه غير ابن حبان، وقال أبو المحاسن الحسيني: فيه جهالة، وقال أبو زرعة الرازي: لا أعرفه إلا في حديث ابن عمر، وقال أبو نعيم الأصبهاني: من جالسه يعرف ضعفه، وقال أحمد بن حنبل: لا شيء، وقال الدارقطني: له أحاديث غرائب. وللمتن شاهد يتقوى به وهو الحديث التالي.

<<  <   >  >>