للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا وما نرى في الحدثين (١) من الدجاجلة والفراعنة الذين هم رؤساء زماننا، وما نرى في قومٍ ينتمون إليهم ليس ذلك كرامات ولا إلهامًا؛ لأنهم ورثة الفراعنة والجبابرة وشيعتهم وبهم مقتدون، ولما كان رسول الله عليه السلام وصحابته رضوان الله عليهم عليه مخالفون وعنه حائدون، وإنما كان كما قال الله تعالى [ق ٩٦ / ب] {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: ١٤٣] معناه: لنبتليهم لك لنعلم من يسلم لأمرك ويتبع سنّتك وهديك، وكلّ ذلك ابتلاء من الله عزّ وجلّ ومحنته ليضل بذلك أقوام من جهال هذه الأمّة وكلّ من يتدين بشيء من المكروهات بإجماع أهل العلم والعبادات لم تصلح له كرامات وقد روينا في أوّل كتاب أن (٢) عائشة رضي الله عنها قالت: قدمت عليّ امرأة من أهل دومة الجندل، جاءت تبتغي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موته حداثة ذلك، تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به. قالت عائشة لعروة: يا ابن أختي، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيشفيها، كانت تبكي حتى إنّي لأرحمها، وتقول: إني لأخاف أن أكون قد هلكت، كان لي زوج فغاب عنّي، فدخلت علي عجوز فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به تجعليه يأتيك، فلمَّا أتى الليل - وفي لفظ فأجعله يأتي، فلمَّا كان الليل- جاءتني بكلبين أسودين، فركبت أحدهما وركبت الآخر، ولم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل - وفي لفظ ولم يكن شيء حتى دفعنا إلى بابل- فإذا برجلين معلقين بأرجلهما، فقالا: ما جاء [ق ٩٧ /أ] بك؟ فقلت: أتعلم السحر؟ . وقد تقدم بطوله (٣)، وهذا الحديث أخرجه أبو القاسم الطبري في كتاب "السنن"، وخرجته من حديث عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وألفاظهما داخل بعضهما في بعض، وفي بعضها زيادات ما ليس في الآخر، ألا فكثير من هؤلاء الجهّال من أهل زماننا تركوا الاشتغال بما في كتاب الله عز وجلّ وما في سنّة رسوله وجهلوا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم عليه واشتغلوا بالطاعات والعبادات بغير علم ودخلوا في أمر السحر بتعليم الشياطين، فكثير من الأشياء إذا أرادوا (٤)


(١) كذا بالأصل. ولعلها: المحدثين، بتسكين الحاء، من الابتداع، والله أعلم
(٢) وفي الأصل: "ابن".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) بالأصل زيادة: "كان" وحذفتها ليستقيم السياق ..

<<  <   >  >>