من البدع والمحدثات شبكةً تصيد بها العصاة والجهّال ويجذبهم عن معصية الله تعالى إلى طاعته وهي حجّتنا على إباحتها، ألا والذي أعرفكم أنّ الأمر ليس كما زعموا بل صحّ وثبت أنهم يوقعون العصاة والجهّال في أعظم ممّا كانوا عليه من المعاصي، وذلك أن الجاهل العاصي يعصي الله عزّ وجلّ وهو يعتقد أن الله تعالى قد حرّم عليه ما يفعله من المعاصي وما يرتكبه من الذنوب والخطايا وهو مسلم بإجماع أهل العلم، فإذا أتى إلى الشيخ من رؤساء الجهّال وقائديهم إلى النار فتاب على يديه وجعله شيخه وقدوته وأحبّه واقتدى بطريقه، وربّما كان الشيخ من أهل الكلام الذين يحبّون الزيادة في الدين والقياس [ق ٩٨ /أ] والرأي على غير الأصل أو ربّما كان الشيخ ممن يحبّ اللّهو واللّعب وأكل ألوان الطعام من الحلال والحرام والنظر إلى وجوه المرد والنسوان والاستماع إلى كلامهم وكلامهنّ والاستماع إلى الأغاني منهم والرقص معهم وإلباس الخرقة لهم والتوبة له ويجعل ذلك طريقه ويعتقد أن هذا كلّه حلال وطاعة وأنه يتقرّب به إلى الله عز وجل كما يتقرّب إليه بالمندوبات والقربات وأجمع المسلمون كلّهم على أن من أحلَّ شيئًا مما حرّم الله عز وجل ورسوله عليه السلام مما لا يجهله أنه يكفر ويخرج عن دين الإسلام ويقع في موبقات الآثام؛ لإضافته المحرّم إلى الشرع المكرّم ولفتيانه بإباحة الحرام، وأقول شعرا:
أضافوا إلى شرع النبيّ ودينه ... أراذل قالوا أنّها لتباح
هي الدف والتشبيب والشر تابع ... ولهم تلك ملاهي كلهنّ قباح
قد اتخذوها يا أولي العلم قربة ... ودانوا عند المساء وصباح
وإذا جئتهم في لهوهم يزفنوا بها ... سمعت [لهم] مثل الكلاب نباح
ومن حلل التحريم أو حرّم الذي ... أبيح فذاك الكفر منه صراح
ومن ينتمي في محدث يحدثونه ... يلاقي [ق ٩٨ / ب] عذابًا ليس منه براح
ومن يقتدي بالجاهلين فما له ... نعم عن عذاب الجاهلين يراح
وقد شدّدوا فيه الوثاق فما له ... إلى أن يشاء الله عنه سراح
فإن تاب بالتوبة النصوح فإنه ... يلاقي من مولي الكريم سماح (١)