للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيا يا إخواني ومن هاهنا ذلّ من لا بصيرة له ولا حياء ولا إيمان وغاب عن كثير من الجهال الصواب تحتج عليهم بالصحابة والصلحاء المتقدّمين ويحتجون علينا برؤساء الجهال الغاشمين (١) الذين لم يقض لهم بالإصابة كما قضى لأعلام الصحابة نعوذ بالله من حرمان الصواب فهذا أبو بكر المروذي خادم الإمام أحمد رحمة الله عليهما قال: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يرغب في النكاح فقلت له: "قد قال بعضهم"، فما تركني إن أتمم حتى صاح عليّ وقال لي: "اذكر لك رسول الله عليه السلام وصحابته رضوان الله وتأتيني ببنيات الطريق" (٢) -وفي لفظ قال: قلت: - إن إبراهيم بن أدهم رحمه الله حكي عنه أنّه قال: "لروعة صاحب عيال"، فما قدرت أن أتمم الحديث حتى صاح بي وقال: "وقعت في بنيات الطريق"، انظر عافاك الله ما كان عليه محمد وأصحابه وقال: قلت لأبي عبد الله: إن الفضيل يروي عنه، قال: لا يزال الرجل في قلوبنا [ق ١٠١ / ب] حتى اجتمع على مائدته جماعة زال عن قلوبنا، قال: دعني من بيّنات الطريق هذا العلم يؤخذ انظر عافاك الله ما كان عليه محمد وأصحابه" (٣)، ألا وأنا أقول لكم: انظروا عافانا الله وإيّاكم ما كان عليه محمد وأصحابه ولا تنتظروا إلى أقوام تشبّهوا بالعلماء والعبّاد وبالواعظين الزّهاد، وليسوا منهم في شيء؛ إذ هم من أهل العناد وبيقين لاشك فيه عند العارفين المحققين والعلماء المكاشفين الصًادقين ما كانت سيرة محمد وأصحابه كسيرة هؤلاء المحدثين المارقين الناكسين المنافقين الذين أحدثوا ما ليس في مذهب المحدثين وغدوا على غيهم وجهلهم وضلالتهم منبعثين، وفيما أضلّهم عن الحق مباحثين، والله ما كان يجري من محمد وأصحابه ما يجري منهم ومحمّد وأصحابه أرق الناس قلوبًا وأخشى الناس لله عزّ وجلّ وأهداهم وأتقاهم وأحبّهم إلى الله عزّ وجل وأفضلهم ممّن جاء بعدهم، وممّن كانوا قبلهم سوى النبيّين والمرسلين صلوات الله عليهم، وإذا ظهر ممّن دونهم شيئًا من أمور الدّين ولم يكن ظهر عنهم علمنا أنه بدعة وضلالة ولا يشك في هذا إلا جاهل يجاهل نقّال (٤)


(١) وفي الحاشية: "أي ظالمين".
(٢) ذكره ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص/٧٦) (١٨٨).
(٣) ذكره المروزي في "الورع لأحمد" (ص/١٢٦)، وابن الجوزي في "ذم ال ٨ هوى" (ص/٢٨٢).
(٤) كذا بالأصل ..

<<  <   >  >>