للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعلوم عند ذوي العقول والبصائر أنّ من أحدث حدثًا أو ابتدع بدعة أنه أكبر جرمًا، وألعن وأضلّ ممّن آوى محدثًا وما سأل هذا السائل عنه حدث وبدعة عند أئمة الإسلام وعلمائهم، وأما تفصيل هذه المسموعات من الدّفوف والغناء والشبابات وسماع كلّ واحد منها بمفرده وغيرها من الرقص والبطالات لعب ولهو كلّها من المكروهات إن لم تكن من المحرمات والمحظورات، فمن جعلها دأبة واشتهر بفعلها في الجماعات أو أسماعها أو قصدها في مواضعها وقُصِد من أجلها فهو ساقط المروءة لا تقبل شهادته لا يعدّ من أهل العدالة، وأمّا فعله في المساجد فلا يجوز، فإن المساجد لم تبن لهذا ويجب صونها عما هو أدنى منه، فكيف [ق ١٢١ / ب] بهذا الذي هو شعائر الفسّاق ومنبت النفاق وبالجملة إنّ رخّص في الشيء ممّا سأل هذا السائل اللاعب يعتقد لعبًا ولهوًا، فأمّا من يجعله دينًا أو طاعة أو يجعل استماع شيء منها أو فعل شيء منها قربة وطريقًا إلى الله تعالى فلا يكاد يوصله ذلك إلا إلى الشرك بالله عزّ وجلّ وإلى الكفر بعد الإيمان وإلى سخط الرحمن، وقد سبق القول بتحريم جميع ما سأل هذا السائل في أوّل كتابنا هذا وربّما انضم إلي ذلك من أدام النظر إلى المحرّمات النّساء أو إلى غلام جميل سلبه دينه ويفتن قلبه، ويخالف ربّه عزّ وجلّ في قوله: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] دليلاً على تسمّحه في المخالفة لقوله {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} ولم يكن ذلك أزكى لهم ومن ابتلى بمخالفة أوّل الآية فليبادر إلى العمل بآخرها {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]، وقد قال بعض التابعين: "ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار أكثر من الغلام يقعد إليه" (١)


(١) إسناده ضعيف - أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ص/٩٧) (١٣٣)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (٧/ ٢٨٥) (٥٠١٣) عيسى بن عبد الله , قال: أخبرنا بقية , قال: قال بعض التابعين فذكره، وفيه بقية مدلس ولم يصرح بالتحديث كما أنه أبهم شيخه ..

<<  <   >  >>