للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي أن يوسف بن أسباط رحمة الله عليه كتب إلى بعض أصحابه: "أكتر لي منزلاً ولا تكتره بين القراء، فإنني أتخوف أن أقول تفاحة. فيقول لفاحة (١)، وإذا لم أُجبهم إلى ذلك ذهبوا وتهيئوا لي بيتًا، وهيئوا فيه طنبورًا وغلامًا وخمرًا ودعوني ولم أعلم، ثم دعوا الناس وقالوا: تعالوا انظروا ما مع يوسف بن أسباط" (٢) ألا فاعتبروا خوف يوسف بن أسباط من قراء زمانه فما عسى أن تسمعوا من قراء زمانكم بعد موت يوسف. وروي عن مالك رضي الله عنه أنه قال: في قراء زمانه مثل قراء الزمان كمثل رجل نصب فخًّا ونصبَ فيه بُرة، فجاء عصفور فوقع قريبًا منه، فقال: ما غيبك في هذا التراب؟ قال: التواضع. فقال: مما أنحنيت؟ قال: من طول العبادة. فقال: نعم الجار أنت، فلما كان المساء، وغابت الشمس دنا العصفور وأخذ البرة فخنقه النفخ، فقال العصفور: إن كان العبّاد يخنقون خنقك فلا خير في العباد [ق ١٢ / ب] اليوم" (٣) إلا فهذا قول ابن مالك بن دينار رحمه الله وبه من كبار علماء التابعين وزهّادهم وعبّادهم، مات سنة خمس وعشرين ومائة، وهذا قول فيهم، فماذا عسى أن يكون حال قوم نبزوا بالقراء وبالعباد والزهاد والشيوخ والفقراء، وليسوا منهم في شيء في زمانٍ بعد موت مالك بخمس وعشرين وخمسمائة سنة وأكثر. والله المستعان. وروي أن إبراهيم رضي الله عنه مرّ بالأوزاعي رحمه الله وحوله الناس، فقال: "على هذا عهدت الناس كأنك معلم وحوله الصبيان، والله لو أن هذه الحلقة على أبي هريرة


(١) بالأصل: تفاحة، والتصويب من كتاب العزلة.
(٢) إسناده ضعيف – أخرجه الخطابي في "العزلة" (ص/٨٨) بسد فيه مجهول.
(٣) إسناده ضعيف – أخرجه أبو الشيخ في "الأمثال" (ص ٤١٤) (٣٦٨)، والخطابي في "العزلة" ((ص/٨٨)، والبيهقي في "الشعب" (٩/ ٢١٤) (٦٥٥٦) من طريق إبراهين بن إسحاق الطالقاني عن أبي حفص البصري – ووقع عند الخطابي: أبي جعفر – عن مالك بن دينار به، وضعف محقق "الشعب" إسناده وأعله بأبي حفص، ورجح أنه عمر بن حفص ضعفه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم.

<<  <   >  >>