للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصار من خيار العلماء لعموم خيره وفوائد علمه للأقصى والأدنى، فيشكر نعمة الله عليه أولاً بالتواضع لله عز وجل على ما أولاه. كما روي في حق العالم أن يضع التراب على رأسه تواضعًا لربّه عز وجل (١)، ثم بالرفق بالخلق والتأني في الأمور حتى يصير الحلم له سجيّة وخلفًا وحينئذٍ يعدّ في الحلماء، فإن بدرت منه في وقت بادرة فلا [ق ٢٦ /أ] فلا يتغير ببهاء (٢) الحلم. والله أعلم. ولمثل هذا العالم جاء في سياق هذا الحديث بعد قوله حلماء: "إلا وإن الله تعالى [يغفر] (٣) للعالم سبعين ذنبًا قبل أن يغفر للجاهل ذنبًا واحدًا، وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة يضيء وجهه كما يضيء الكوكب الدري في الدنيا" (٤) وهو غريب من طريق ابن المبارك عن الثوري عن أبي الزناد عن الأعرابي عن أبي هريرة رضوان الله عليهم. والعلم هو ما قال الله عز وجل وما قال رسول الله عليه السلام وما جاء عنهما ومعرفة سيرة الصحابة وأقاويلهم ومعرفة فتاواهم وما كانوا عليه وليس ما عند أهل الحوادث والبدع الذين هم رؤساء الجهال علم، ولا معرفة بل ذلك جهل وضلال وغرور منهم وتزيين الشيطان لهم من سواء أعمالهم.


(١) صحيح من قول أيوب - أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧؟ ٢٤٠) (٣٥٦٨٤)، والدينوري في "المجالسة" (٧/ ١٣٥) (٣٠٣٢)، والجوهري في "مسند الموطأ" (ص/٢٧٧) (٢٩٥)، والبيهي في "الشعب" (٣/ ٣٠٣) (١٧١٦)، وفي "المدخل" (١/ ٣٢٤) (٥٠٩) من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني قال: " ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل". وإسناده صحيح.
(٢) في الحاشية: "أي الأُنس".
(٣) غير مذكورة بالأصل، والتصويب من روايات الحديث.
(٤) سبق خريجه وهو تتمة الحديث الذي ذكره المؤلف بلفظ " خِيَارُ أُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا حُلمَاؤُهَا".

<<  <   >  >>