للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنا سوار بن عبد الله قال: "كنّا مع عمرو بن درهم في بعض السواحل، وكان لا يأكل إلا من السحر إلى السحر، فجئناه بطعام، فلمّا رفع اللقمة إلى فيه سمع بعض المتهجدين وهو يقرأ هذه الآية {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: ٤٣ - ٤٦]، فعشي عليه وسقطت اللقمة من يده ولم يفق إلى بعد طلوع الفجر، فمكث كذلك سبعًا لا يأكل شيئًا كلما قرب إليه الطعام عرضت له الآية، فيقوم ولا يأكل شيئًا، فاجتمع أصحابه فقالوا: سبحان الله تقتل نفسك فلم يزالوا به حتى أصاب شيئًا" (١). حدثنا مسلم العباداني (٢) [ق ٣٤ /أ] أنه قال: قدم علينا مرة: صالح المري وعبد الواحد بن زيد [وعتبة الغلام] وسلمة الأسواري، فنزلوا على الساحل فهيأت ذات ليلةٍ طعامًا ودعوتهم إليه، فجاءوا إليه، فلما وضعت الطعام إذا قائل يقول:

وَتُلْهِيكَ عَنْ دَارِ الْخُلُودِ مَطَاعِمٌ ... وَلَذَّةُ نَفْسٍ غَيُّهَا غَيْرُ نَافِعِ (٣)

قال: فصاح عتبة صيحةً وسقط مغشيًا عليه، وبكى القوم فرفعنا الطعام وما ذاقوا والله منه لقمةً (٤). حدثنا إبراهيم بن أبي سنان العابد قال: قدمت بعض السواحل مرابطًا، فقيل: إنّ هاهنا رجل لا يطعم إلا من الجمعة للجمعة. قلت: فأيّ شيء طعامه إذا طعمه قالوا: تسع تمرات وكفّ من شعير يعجنها جميعًا بالماء، ثم يأكل فهو إلى الجمعة، وقد كان يصوم النهار، فإذا كان الليل أفطر فرأى في منامه رؤيا هالته، فأخذ في الجدّ والاجتهاد. قلت: وما رأى؟ قال: آتاه آتٍ في منامه فقال شعرا:

تجوع فإن الجوع يورث أهله ... موارد خير [و] الدهر دائم

ولا تك ذا بطن رغيب وشهوة ... فتصبح في الدنيا وعقلك هائم


(١) ذكره ابن رجب في "التخويف من النار" (ص/١٥٧).
(٢) بالأصل: "العباد"، والتصويب من "الحلية".
(٣) وكان البيت بالأصل هكذا:
ويلهيك عن الخلود ... ولذات نفس غيها غير نافع
والتصويب من الحلية.
(٤) إسناده ضعيف - أخرجه أبو نعيم في الحلية" (٦/ ١٦٠) من طريق عبد الله بن محمد بن سفيان، قال: حدثت عن محمد، حدثني روح بن سلمة الوراق، حدثني مسلم العباداني، وفيه جهالة شيخ عبد الله بن محمد.

<<  <   >  >>