فلا شك ولا ريب أن القوم بلغهم عن أقوام من أهل البدع والضلال قبلهم أنهم كانوا يفعلون أفعالهم القبيحة الشنعاء فاستمروا على ذلك [ق ١ / ب] واعتقدوا ما اعتقد الآباء ونشأوا على ذلك وكذلك أبناء الأبناء وهلم جرا فهلك الآباء والأبناء ووقعوا في الضلالة والعماء فإذا أنكر عليهم أحد، وقال: أرجعوا عن الضلالة الظلماء إلى ما كان عيه السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء فإن العلماء المحققين، والزهاد الصّادقون، والأولياء الكاشفون (١)، والفقهاء العارفون كانوا على غير ما أنتم عليه من الطريق العوجاء فإن لم تصدقوا فسألوا أهل العلم الذين هم ورثة الأنبياء.
(١) الكشف الذي يحصل للمرء أنواع، فمنه النفساني وهو مشترك بين المسلم والكافر، ومنه الرحماني وهو الذي يكون عن طريق الوحي والشرع، ومنه الشيطاني وهو ما يحصل عن طريق الجن. والمؤلف هنا يشير إلى الكشف الرحماني الذي يحدث لأولياء الله تعالى الذين يقيمون الشرع ويعظمونه، والكشف الرحماني مثل كشف أبي بكر لما قال لعائشة رضي الله عنهما إن امرأته حامل بأنثى، وكشف عمر رضي الله عنه لما قال يا سارية الجبل - أي إلزم الجبل - وأضعاف هذا من كشف أولياء الرحمن.