قالوا: إنا وجدنا آبائنا على هذا الفعل وغدا عليه مشايخنا الكبراء فلا نترك ما كانوا عليه ولا نرجع إلى قول العلماء مضاهاة لمن قال ذلك من المشركين السفهاء ممن دعاهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إلى يوم الجزاء وإذا أخذ أحدهم من السنة الزهراء إما ببيان حديث، أو بتقليد العلماء قالوا له: أترغب عما كان عليه مشايخنا القدماء مضاهاة لقول أبي جهل وعبد الله بن أمية لأبي طالب حين دعاه النبي عليه السلام إلى دين الأنبياء وخلع ما كان عيه من قبله من الآباء فتمسك بما كان عليه ورغب عما دعاه إليه خاتم الأنبياء مع إقراره أن الحق ما دعاه إليه ومات على ما كان عليه من الضلالة والعماء (١) فخسر الدنيا والآخرة، وندم حين لم ينفعه الندم ولا الدعاء حين ذل به القدم إلا أن يكون قبل ما دعاه إليه سيد الأمم وأشرف العرب والعجم صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وكذلك ليندمن [ق ٢ /أ] من دعي إلى الحق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم فترك الانقياد إليه وتمسك بما كان عليه الآباء من القدماء وليعض أنامله على تفريطه فيما مضى.
(١) يشير إلى ما رواه البخاري في "صحيحه" (٥/ ٥٢) (٣٨٨٤)، ومسلم في "صحيحه" (١/ ٥٤) (٢٤) من طريق لزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه، أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: «أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك، ما لم أنه عنه» فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]. ونزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦].