للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم في المتعة لعزبة كانت بالناس شديدة، ثم نهى عنها، فلما فتحت خيبر وسع عليهم من المال ومن السبي؛ فناسب النهي عن المتعة؛ لارتفاع سبب الإباحة، وكان ذلك من تمام شكر نعمة الله على التوسعة بعد الضيق، وكانت الإباحة إنما تقع في المغازي التي تكون في المسافة التي إليها بعد ومشقَّة، وخيبر بخلاف ذلك؛ لأنها بالقرب من المدينة، فوقع النهي عن المتعة فيها؛ إشارةً إلى ذلك من غير تقديم إذن فيها، ثم لما عادوا إلى سفرة بعيدة المدة؛ وهي غزاة الفتح، وشقت عليهم العزوبة؛ أذن لهم في المتعة لكن مقيدًا بثلاثة أيام فقط؛ دفعًا للحاجة، ثم نهاهم بعد انقضائها عنها. اهـ (١).

وبه يندفع ما ذكره ابن القيِّم في تقرير أن الظرف في حديث علي رضي الله عنه بقوله: عام خيبر، يعود على تحريم الحمر الإنسية؛ بأنه لم يكن الصحابة فيها يستمتعون باليهوديات ولا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢)، وبتحريم المتعة قال جمهور الصحابة، وأجمع عليه فقهاء الأمصار بعد الخلاف، ولم ينقل الخلاف المحقق فيه إلا عن الإمامية (٣)، وهي فرقة من فرق الشيعة (٤).

أما عن تاريخ تحريم متعة النساء: فقد اختلف الفقهاء في تاريخ تحريمها؛ فقد روي عن علي رضي الله عنه: أنها حرمت يوم خيبر (٥). والحازمي يروي أنها حرمت في حجة الوداع (٦)، وفي الصحيح (٧): أنها حُرمت يوم فتح مكة. والظاهر أن التحريم كان مرتين: كانت حلالًا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت أثناء فتح مكة ثلاثة أيام، ثم حرمت بعد ذلك على التأبيد؛ فقد أخرج مسلم، عن الربيع بن سبرة الجهني، أن


(١) التمهيد فيما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٠/ ١١٠).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٢٠٥).
(٣) توثيق السنة ص ٥٢١.
(٤) سيأتي بيانها في
(٥) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، صحيح البخاري (٥/ ٣٥).
(٦) الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار، المؤلف: أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي الهمذاني، دارة المعارف العثمانية، الطبعة الثانية ١٣٥٩ هـ.
(٧) أي في صحيح مسلم، سيأتي ذلك.

<<  <   >  >>