للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أباه حدَّثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فقال: «يا أيها الناس قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيئًا فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا» (١). وأخرج ابن ماجه بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه قال: لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا، ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة، إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد إذ حرمها (٢).

والقول بأن الإباحة والتحريم وقعا في حجَّة الوداع؛ ينفيه ابن قيم الجوزية الحنبلي في كتابه «زاد المعاد» إذ قال: « … وهو وَهم من بعض الرواة، سافر فيه وهمه من فتح مكة إلى حجة الوداع … وسفر الوهم كثيرًا ما يعرض للحُفَّاظ فمن دونهم، والصحيح: أن المتعة إنَّما حرمت عام الفتح … » (٣).

والقرطبي يروي نسخ المتعة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فقد قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة، قال: وإنما كانت لمن لم يجد، فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت. وروي عن علي رضي الله عنه أيضًا أنه قال: نسخ صوم رمضان كل صوم، ونسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الطلاقُ والعدة والميراث المتعةَ، ونسخت الأضحية كل ذبح. وعن ابن مسعود قال: المتعة منسوخة، نسخها الطلاق والعدة والميراث (٤).

فالنسخ ورد على المتعة مرتين؛ فقد أبيحت ثم حُرمت، ثم أبيحت، ثم حرمت تحريمًا مؤبدًا. قال الشافعي: لا أعلم شيئًا حُرِّم ثم أبيح ثم حرم إلا المتعة (٥).

وذكر البغوي وهو من أئمة الشافعية قال: الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي رضي


(١) سيأتي ذلك أيضًا مع ذكر سنده.
(٢) سيأتي ذكر سند الحديث في موضوع: الأحاديث والآثار في تحريم نكاح المتعة.
(٣) زاد المعاد: (٣/ ٤٠٣).
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (٥/ ١٣٠) (دار الكتب المصرية، ط. الثانية ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م).
(٥) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (٤/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>