للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنه يقول: لا أعلم في الإسلام شيئاً أحل ثم حرم ثم أحل ثم حرم غير المتعة (١).

قال النووي في «شرح صحيح مسلم»: (والصواب المختار: أن التحريم والإباحة كانا مرتين، فكانت حلالًا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرِّمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة، واستمرَّ التحريم، ولا يجوز أن يقال: إن الإباحة مختصة بما قبل خيبر، والتحريم يوم خيبر للتأبيد، وأن الذي كان يوم الفتح مجرد توكيد للتحريم، من غير تقدم إباحة يوم الفتح لأن الروايات التي ذكرها مسلم في الإباحة يوم الفتح صريحة؛ فلا يجوز إسقاطها، ولا مانع يمنع تكرير الإباحة، والله أعلم) (٢).

قال ابن العربي المالكي: وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة؛ لأنها أبيحت في صدر الإسلام، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس، ثم حرمت بعد ذلك. واستقر الأمر على التحريم، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة، فإن النسخ طرأ عليها مرتين، ثم استقرت بعد ذلك. اهـ (٣).

ويعني بمسألة القبلة: أنها كانت إلى الكعبة الشريفة أولًا، ثم حولت إلى بيت المقدس، ثم أعيدت إلى الكعبة، واستقرت عليها (٤).

والصحيح: أن الذي جرى في حجة الوداع مجرد النهي عنها يومئذ؛ لاجتماع الناس، وليبلغ الشاهد الغائب، ولتمام الدين، وتُقرَّر الشريعة وبين الحلال والحرام يومئذ، وبتَّ في تحريم المتعة حينئذ بقوله: «إلى يوم القيامة» (٥).

وقول الإمام النووي فيما سبق: (لا مانع يمنع من تكرير الإباحة)؛ معزَّز بما نقله عن المازري من قوله: (واختلفت الرواية في «صحيح مسلم» في النهي عن المتعة؛ ففيه: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر، وفيه: أنه نهى عنها يوم فتح مكة، فإن


(١) معالم التنزيل في تفسير القرآن (١/ ٥٩٦).
(٢) شرح مسلم للنووي: (٩/ ١٨١)، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(٣) نقله الإمام القرطبي في تفسيره: (٥/ ١٣٠)، دار الكتب المصرية - القاهرة - الطبعة الثانية ١٣٨٤ هـ. وراجع: شرح الزرقاني على الموطأ: (٣/ ٢٣٣)، مكتبة الثقافة العربية - القاهرة - الطبعة الأولى ١٤٢٤ هـ
(٤) نكاح المتعة، للشيخ محمد الحامد: ص ٥٨.
(٥) المصدر السابق: ص ٥٩.

<<  <   >  >>