للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عياض: ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها (١).

رابعاً: أدلة فقهاء السنة من المعقول:

يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١]

فإذا كان المقصود من الزواج الصحيح الدائم، تحقيق أكبر قدر من الأمن والاستقرار اللذين عبر عنهما الحق تبارك وتعالى في قوله (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) [الروم: ٢١] إلى غير ذلك من المقاصد النبيلة السامية للحفاظ على استمرارية النوع البشري على أسس وقواعد سليمة من أجل ذلك رتب الشرع الحنيف على النكاح الصحيح الدائم، مجموعة من اللوازم، من صحة الطلاق، والإرث، والعدة، ووجوب النفقة، وهي كلها في نكاح المتعة منتفية. وهي لا يحمل شيئا من خواص النكاح إلا التسمية المقيدة التي عرضت له من ناحية صورة العقد.

على أن المعنى الذي شرع من أجله النكاح لا يتحقق في نكاح المتعة، وقد طلب الشارع من عقد النكاح أن يكون عقداً للألفة والمحبة والشركة في الحياة وأي ألفة وشركة تجيئ من عقد لا يقصد منه إلا قضاء الشهوة على سبيل التوقيت؟!

لقد أراد الشارع الحكيم من عقد النكاح أن يكون عقداً لتحقيق تلك المقاصد التي أشرنا إليها، فأي أمٍ وأي سكن نفسي يأتي مع امرأة تؤجر جسدها لكل أحد وأي شركة تترتب عن مثل هذا العقد الذي أقيم بنيانه على شفا جرف هار.

وأي شركة وأي سكن نفسي وأي مودة تلك التي تترتب عن مثل هذا النكاح الذي ليس من ورائه مقصد إلا قضاء الوطر والشهوة، على شرط مرة واحدة أو ساعة أو ساعتين أو أشباه ذلك، وإذا فرغ حوَّل وجهه!!!.

أي شركة التي تترتب على نكاح المتعة، والمرأة تؤجر جسدها لقاء دريهمات وقد لا تحصل عليها إذا ما أخلت بشروط العقد، أليست متأجرة؟ وهل ثمة فرق بين هذا العقد وبين الزنا الذي يحدث بين الزناة بالتراضي على أساس العرض والإيجاب والقبول، وإن


(١) نيل الأوطار باب ما جاء في نكاح المتعة وبيان نسخه (٦/ ١٦٢).

<<  <   >  >>