للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتوكل قد جاء، فاستأذن على أبي عبد الله، فدخل ودخل أبي وأنا ومع بعض غلمانه بدرة على بغل، ومعه كتاب المتوكل، فقرأه على أبي عبد الله: إنه صح عند أمير المؤمنين براءة ساحتك، وقد وجه إليك بهذا المال تستعين به، فأبى أن يقبله، فقال: مالي إليه حاجة فقال: يا أبا عبد الله، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به، فإن هذا خير لك عنده، فاقبل ولا ترده، فإنك إن رددته خفت أن يظن بك سوءاً، فحينئذ قبلها، فلما خرج قال: يا أبا علي، قلت: لبيك، قال: ارفع هذه الإيجانة وضعها، يعني البدرة، تحتها، فوضعتها وخرجنا، فلما كان من الليل إذا أم ولد أبي عبد الله تدقّ علينا الحائط، فقلت لها: مالك؟ قالت: مولاي يدعو عمّه، فأعلمت أبي، وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله، وذلك في جوف الليل، فقال: يا عمّ، ما أخذني النوم هذه الليلة، فقال له أبي: ولم؟ قال: لهذا المال، وجعل يتوجّع لأخذه، وجعل أبي يسكته ويسهّل عليه، فقال: حتى تصبح وترى فيه رأيك، فإن هذا ليل، والناس في منازلهم، فأمسك وخرجنا، فلما كان في السحر وجه إلى عبدوس ابن مالك والحسن بن البزّار فحضرا، وحضر جماعة، منهم هرون الحمَّال، وأحمد بن منيع، وابن الدورقي، وأنا، وأبي، وصالح, وعبد الله، فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة، فوجّه منها إلى أبي سعيد الأشجّ، والى أبي كريب، وإلى من ذكر من أهل العلم والسنة، ممن يعلمون أنه محتاج، ففرقها كلها، ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما بقى في الكيس درهم، تم تصدق بالكيس على مسكين.

فلما كان بعد ذلك مات إسحق بن إبراهيم وابنه محمد، وولي بغداد عبد الله بن إسحق، فجاء رسوله إلى أبي عبد الله، فذهب إليه، فقرأ عليه


= عنه لسوء مذهبه وزيغه عن الدين". مات في ذي الحجة سنة ٢٦٦. وله ترجمة في تاريخ بغداد ٥: ٣٥٠ - ٣٥٢ والميزان ٣: ٧١ - ٧٢ والتهذيب ٩: ٢٢٠ - ٢٢١ والشذرات ٢: ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>