للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتاب المتوكل، فقال له: يأمرك بالخروج، فقال: أنا شيخ ضعيف عليل، فكتب عبد الله بما ردَّ عليه، فورد جواب الكتاب بأن أمير المؤمنين يأمره بالخروج، فوجه عبد الله جنوده فباتوا على بابنا أياماً، حتى تهيأ أبو عبد الله للخروج، فخرج وخرج صالح وعبد الله وأبي، زميلةً (١).

قال صالح: كان حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين، ثم عاش إلى سنة إحدى وأربعين، فكان قلَّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه.

قال حنبل في حديثه: وقال أبي: ارجع، فرجعت، فأخبرني أبي قال: لما دخلنا إلى العسكر إذا نحن بموكب عظيم مقبل، فلما حاذى بنا قالوا: هذا وصيف، وإذا فارس قد أقبل، فقال لأحمد: الأمير وصيف يقرئك السلام- ويقول لك: إن الله قد أمكنك من عدوك، يعني ابن أبي دؤاد، وأمير المؤمنين يقبل منك، فلا تدع شيئا إلا تكلمت به، فما ردَّ عليه أبو عبد الله شيئًا، وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين، ودعوت لوصيف، ومضينا، فأنزلنا في دار التيَّاح، ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار؟ قالوا: هذه دار التيَّاح، فقال: حوَّلوني، اكتروا لي دارا، قالوا هذه دار أنزلكها أمير المؤمنين، قال: لا أبيت ها هنا، قال أبي: فلم نزل حتى اكترينا له داراً، وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل والفاكهة والثلج وغير ذلك، فما نظر إليها أبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئاً، وكانت نفقة المائدة كل يوم مائةَ وعشرين درهمًا، وكان يحيى بن خاقان وابنه عبيد الله وعلي بن الجهم يأتون أبا عبد الله، ويختلفون إليه برسالة المتوكل، ودامت العلة بأبي عبد الله، وضعف ضعفًا شديداً، وكان يواصل، فمكث ثمانية أيام لا يأكل ولا يشرب، فلما كان في اليوم الثامن دخلت عليه، وقد كاد أن يطفأ، فقلت:


(١) الزملة، بضم الزاي وسكون الميم: الرفقة. فالظاهر أن هذا تصغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>