أتى صاحبا المصابيح والمشكاة برواية التثنية؟، فإن صاحب المشكاة نسبه للترمذي فقط، وهو فيه بالإفراد، وهو كذلك بالإفراد في جميع الروايات التي أشرت إليها هنا في تخريجه!! وقوله "أتدرون ما هذان الكتابان؟ ": قال العلامة على القاري في المرقاة: "الظاهر من الإشارة أنهما حسيان وقيل: تمثيل واستحضار للمعنى الدقيق الخفي في مشاهدة السامع، حتى كانه ينظر إليه رأي العين، فالنبي عليه السلام لما كشف له بحقيقة هذا الأمر، وأطلعه الله عليه إطلاعاً لم يبق معه خفاء، صور الشيء الحاصل في قلبه بصورة الشيء الحاصل في يده، وأشار إليه إشارة إلى المحسوس". وهذا تأول فيه تكلف كثير، ثم ينقضه نقضاً أول الكلام، إذ قال عبد الله: خرج علينا رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وفي يده كتابان"، فهو يحكي صفة شيء رآه هو وغيره من الصحابة، ثم يخبر أن النبي -صلي الله عليه وسلم - سألهم: "أتدرون ما هذان الكتابان"؟، فالإشارة إلى شيء رأوه قبل السؤال، فيما حكى. الصحابي راوي الحديث. وما الكتابان إلا شيء من عالم الغيب، الذي وراء المادة، والذي أمرنا أن نؤمن به إيماناً وتسليماً، دون تأول أو تردد، ودون أن نقيسه على أوضاع المادة التي حبست فيها أرواحنا في هذه الحياة الدنيا. فلا نرى ما وراءها إلا في النادر من الحال والوقت، أو حين انطلاق الروح في الرؤى الصالحة. فيجب أن نجري الحديث على ظاهره، وأنهما كانا كتابين في يده - صلى الله عليه وسلم -، غير مَقيسين على ما نرى. ونستطيع أن نفهم =