يُرَيَان حين ينتهي الإذن بذلك، كما كان حين نبذ بيديه- في هذا الحديث- فذهبا لا أثَر لهما. وكما كان في مجلس سؤالات جبريل، إذ رآه عمر بن الخطاب وحاضرو المجلس من الصحابة، ثم أدبر، فذهبوا ليردُّوه إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فلم يروا شيئاً. فهذا وذاك من عالم الغيب، من نوع واحد سواء. وليس الكتابان كمثل الكتب المادية التي في الدنيا، التي هي من صنع الناس بما ألهمهم الله وعلمهم من الصناعة، وإلا فأي حجم يكون للكتاب الذي يسع كتابه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، أو كتابة أسماء أهل النار كذلك؟، وأنى تسع اليد الواحدة أن تمسك به؟، {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}. وقوله "ثم أُجمل على آخرهم": بالجيم والميم واللام، وبالبناء لما لم يسم فاعله، وهو من قولهم: "أجملت الحساب" إذا جمعت آحاده وكملت أفراده، أي أحصوا وجُمعوا، فلا يزاد فيهم ولا ينقص، قاله ابن الأثير. وقوله "سددوا": أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة، وهو القصد في الأمر والعدل فيه. "وقاربوا": أي اقتصدوا في الأمور كلها، واتركوا الغلو فيها والتقصير، يقال "قارب فلان في أموره": إذا اقتصد، قاله أيضاً ابن الأثير. "يختم له بعمل [أهل] الجنة"، كلمة "أهل" لم تذكر في ح، وزدناها من م.