للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أضمرته مؤخرًا" وجوبًا "كـ: ضربني وضربت زيدًا هو"، انتهت مقالة الفراء١.

فهو فاعل "ضربني" وإنما أخر عن الظاهر هربا من الإضمار قبل الذكر، ولم يحذفه هربًا من حذف الفاعل، هذا كله إذا احتاج الأول لمرفوع من إعمال الثاني.

"وإن" أعملنا الثاني، و"احتاج الأول لمنصوب لفظًا" وهو ما يصل إليه العامل بنفسه "أو محلا" وهو ما يصل إليه العامل بواسطة حرف جر "فإن أوقع حذفه" أي: المنصوب "في لبس" ظاهر، "أو" لم يوقع في لبس، ولكن "كان العامل من باب "كان" أو من باب "ظن" وجب إضمار المعمول موخرا" عن المتنازع عنه في المسائل الثلاث:

فالأولى: "نحو: استعنت واستعان علي زيد به٢"، فالأول يطلب "زيدًا" مجرورًا بالباء، والثاني يطلبه فاعلا؛ لأنه استوفى معمول المجرور بـ"على"، فأعملنا الثاني، وأضمرنا ضمير "زيد" مجرورًا بالباء مؤخرًا وقلنا به، والذي حملنا على ذلك أنا لو أضمرناه مقدما قبل "استعان" لزم الإضمار قبل الذكر، ولو حذفناه أوقع في لبس، فلا يعلم هل "زيد" مستعان به أو عليه.

"و" الثانية: نحو: "كنت وكان زيد صديقًا إياه"، فـ"كنت"، و"كان" تنازعا "صديقا" على الخبرية لهما، فأعملنا الثاني فيه، وأعملنا الأول في ضميره مؤخرًا.

"و" الثالثة: "نحو: "ظنني وظننت زيدًا قائمًا إياه"، فـ"ظنني" يطلب "زيدًا قائمًا" فاعلًا ومفعولا ثانيا، "وظننت" يطلبهما مفعولين، فأعملنا الثاني، ونصبنا "زيدًا قائمًا" وبقي الأول يحتاج إلى فاعل ومفعول ثان، فأضمرنا الفاعل مقدمًا مستترًا, وأضمرنا المفعول الثاني مؤخرًا، وقلنا: "إياه"٣. ولم نحذف المنصوب في المسألة الثانية والثالثة؛ لأنه عمدة في الأصل؛ لأنه خبر مبتدأ. "وقيل في باب "ظن" و"كان" يضمر مقدمًا" كالمرفوع؛ لأنه مرفوع في الأصل فيقال: "ظنني إياه، وظننت زيدًا قائمًا" هكذا مثل أبو حيان في النكت الحسان٤ بالضمير منفصلًا، ولا يتعين، بل يجوز اتصاله نحو: "ظننيه" على ما تقدم من اختلاف الترجيح.


١ انظر شرح التسهيل ٢/ ١٧٤.
٢ شرح التسهيل ٢/ ١٧٣.
٣ المقتضب ٢/ ١١٣.
٤ النكت الحسان ص٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>