أمام صلابة الحق في القرآن، وذهلوا حينما عجز المال والسلاح والتكتل الدولي عن النيل من إيمان أهل القرآن.
وثالثة الدلائل على عظمة القرآن بعد الصمود الذي لا يستطيعه إلا الكتاب الحكيم: أنه كتاب حضارة تندرج تحت لوائه الأمم والشعوب، وتستسلم حضاراتها لحضارته، فما تلبث أن يحتويها الإطار الشامل للإسلام الرحيب، وتتخذ نفس الصفة الشرعية لخير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر داخل النفس وخارجها، وداخل الأمة وبين الأمم الأخرى، وتؤمن بالحق والعدل عن الله فيصلًا وحكمًا بين الجميع، فلا عنصرية ولا عصبية، ولا استمساك بالذات؛ بل هو إنكار لها، وعمل للمجموع مع الاحتفاظ بكرامة الفرد وكيانه بعيدًا عن أي لون من ألوان الامتهان.
فعظمة القرآن نابعة من أنه لا يستجدي الشعوب أن يتبعوه، ولا الحضارات أن تذوب في حضارته؛ بل يعرض أمام العالم وجهه السمح الكريم، ويكشف عن رحابته النادرة بين دساتير الحضارة، ويعلن حربه الضارية على الظلم وامتهان الإنسان للإنسان، وامتهان الإنسان لنفسه وعقله، ويكشف الستر البراق عن عفن اللؤم البشري، وعن الحبائل التى ينصبها أعداء العدل، ومتلصصة الفكر، أولئك الذين يحاربون الله ورسوله لا لشيء إلا لأن الإيمان بهما يقف سدًّا منيعًا أمام أطماعهم وشهواتهم التي لا تدع قيمة إلا حطمتها، ولا مثلًا أعلى إلا شوهته وأذلت أهله، والداعين إليه.
وعلى مر القرون ما زال كبار المفكرين في العالم كله يشيدون بتلك السمة التى استعصى عليهم الجهر بها هذا الردح الطويل من الزمان.
ورابعة الدلائل على عظمة القرآن: سرعته المذهلة في بناء الحضارات إذا أتيح له من ينفذ تعاليمه من القادة على نفسه وأهله قبل أن ينفذها بين