ولمّا جئت وجدة همت وجداً ... بمنخنث المعاطف معنويّ (١)
وحلّ رشا الرباط رشا رباطي ... وتيّمني بطرفٍ بابليّ
وأطلع قطر فاسٍ لي شموساً ... مغاربهنّ في قلب الشّجيّ
وما مكناسة إلاّ كناسٌ ... لأحوى الطرف ذي حسنٍ سنيّ
وإن تسأل عن أرض سلا ففيها ... ظباءٌ كاسراتٌ للكميّ
وفي مراكشٍ يا ويح قلبي ... أتى الوادي فطمّ على القريّ
بدورٌ بل شموسٌ بل صباحٌ ... بهيٌّ في بهيٍّ في بهيٍّ
أبحن مصارع العشّاق لمّا ... سعين به فكم ميتٍ وحيّ
بقامة كلّ أسمر سمهريٍّ ... ومقلة كلّ أبيض مشرفيّ
إذا أنسيتني حسناً فإنّي ... أنسّيهم هوى غيلان ميّ
فها أنا قد تخذت الغرب داراً ... وأدعى اليوم بالمرّاكشيّ
على أنّ اشتياقي نحو زيدٍ ... كشوقك نحو عمروٍ بالسّويّ
تقسّمني الهوى شرقاً وغرباً ... فيا للمشرقيّ المغربيّ
فلي قلبٌ بأرض الشرق عانٍ ... وجسمٌ حلّ بالغرب القصيّ
فهذا بالغدوّ يهيم غرباً ... وذاك يهيم شرقاً بالعشيّ
فلولا الله متّ هوىً وشوقاً ... وكم لله من لطفٍ خفيّ وقد خرجنا بالاستطراد إلى الطول، وذلك منّا استرسال مع جاذب الأدب، فلنمسك العنان، والله المستعان.
وما عددناه من القصائد والمقطوعات في مدح دمشق الشام فهو غيض من فيض، وفي نيتي أن أجمع في ذلك كتاباً حافلاً أسميه " نشق عرف دمشق "
(١) قال العبدري في تعليقه على هذا البيت: " قوله معنوي بعد منخنث المعاطف ... لقد استربت به حتى ظننت أنه مصحف، ولا أتبرأ فيه من تصحيف ".