للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحبت بك الزمان أخا وفاءٍ ... فها هو قد تنمّر للقطيعه قال: وكان من أهل المروءات، عاشقاً في قضاء الحوائج، والسعي في حقوق الإخوان، والمبادرة لإيناس الغرباء، وفي ذلك يقول:

يحسب الناس بأنّي متعبٌ ... في الشّفاعات وتكليف الورى

والذي يتعبهم من ذاك لي ... راحةٌ في غيرها لن أفكرا

وبودّي لو أقضّي العمر في ... خدمة الطلاّب حتى في الكرى قال: ومن أبدع ما أنشده رحمه الله تعالى أول رحلته:

طال شوقي إلى بقاعٍ ثلاثٍ ... لا تشدّ الرّحال إلاّ إليها

إن للنّفس في سماء الأماني ... طائراً لا يحوم إلاّ عليها

قصّ منه الجناح فهو مهيضٌ ... كلّ يومٍ يرجو الوقوع لديها وقال (١) :

إذا بلغ العبد أرض الحجاز ... فقد نال أفضل ما أمّ له

فإن زار قبر نبيّ الهدى ... فقد أكمل الله ما أمّله وعاد رحمه الله تعالى إلى الأندلس بعد رحلته الأولى التي حلّ فيها دمشق والموصل وبغداد، وركب إلى المغرب من عكا مع الإفرنج، فعطب في خليج صقلّية الضيق، وقاسى شدائد إلى أن وصل الأندلس سنة ٥٨١، ثم أعاد المسير إلى المشرق بعد مدة إلى أن مات بالإسكندرية كما تقدم.

ومن شعره أيضاً:

لي صديقٌ خسرت فيه ودادي ... حين صارت سلامتي منه ربحا


(١) البيتان في الإحاطة ٢: ١٧٢ والذيل والتكملة ٥: ٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>