للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهر، وقيل: اثنتان وستون سنة ودفن بالقصر من قرطبة، وصلى عليه ابنه عبد الله.

وكان منصوراً مؤيداً مظفراً على أعدائه، وقد سردنا من ذلك جملة، حتى قال بعضهم: إن الراية التي عقدت له بالأندلس (١) حين دخلها لم تهزم قط، وإن الوهن ما ظهر في ملك بني أمية إلا بعد ذهاب تلك الراية، قال أكثر هذا مؤرخ الأندلس الثبت الثقة أبو مروان ابن حيان، رحمه الله تعالى.

ولا بأس أن نورد زيادة على ما سلف وإن تكرر بعض ذلك، فنقول: قال بعض المؤرخين من أهل المغرب بعد كلام ابن حيان الذي قدمنا ذكره، ما نصه (٢) : كان الإمام عبد الرحمن الداخل راجح العقل، راسخ الحلم، واسع العلم، كثير الحزم، نافذ العزم، لم ترفع له قط راية على عدو إلا هزمه، ولا بلد إلا فتحه، شجاعاً، مقداماً، شديد الحذر، قليل الطمأنينة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دعة، ولا يكل الأمر إلى غيره، كثير الكرم، عظيم السياسة، يلبس البياض ويعتم به، ويعود المرضى ويشهد الجنائز، ويصلي بالناس في الجمع والأعياد، ويخطب بنفسه، جند الأجناد وعقد الرايات واتخذ الحجاب والكتاب، وبلغت جنوده مائة ألف فارس.

وملخص دخوله الأندلس أنه لما اشتد الطلب على فل بني أمية بالمشرق من وارثي ملكهم بني العباس خرج مستتراً إلى مصر، فاشتد الطلب على مثله، فاحتال حتى وصل برقة، ثم لم يزل متوغلاً في سيره إلى أن بلغ المغرب الأقصى، ونزل بنفزة، وهم أخواله، فأقام عندهم أياماً ثم ارتحل إلى مغيلة بالساحل، فأرسل مولاه بدراً بكتابه إلى مواليهم بالأندلس عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد وتمام بن علقمة وغيرهم، فأجابوه واشتروا مركباً وجهزوه بما يحتاج


(١) المقتطفات: في الأندلس بين الزيتونتين.
(٢) قد تقدم أن هذا النص لابن حيان. (انظر ص ٢: ٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>