للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوسف الفهري هو ابن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة ابن عقبة بن نافع الفهري، باني القيروان، وأمير معاوية على إفريقية والمغرب، وهو مشهور.

وأما الصميل فهو ابن حاتم بن شمر بن ذي الجوشن، وقيل: الصميل بن حاتم بن عمرو بن جندع بن شمر بن ذي الجوشن، كان جده شمر من أشراف الكوفة وهو أحد قتلة الحسين، رضي الله تعالى عنه، ودخل الصميل الأندلس حين دخل كلثوم بن عياض المغرب غازياً، وساد بها، وكان شاعراً كثير السكر أمياً لا يكتب، ومع ذلك فانتهت إليه في زمانه رياسة العرب بالأندلس، وكان أميرها يوسف الفهري كالمغلوب معه، وكانت ولاية الفهري الأندلس سنة تسع وعشرين ومائة، فدانت له تسع سنين وتسعة أشهر، وعنه كما مرّ انتقل سلطانها إلى بني أمية، واستفحل ملكهم بها إلى بعد الأربعمائة، ثم انتثر سلكهم، وباد ملكهم، كما وقع لغيرهم من الدول في القرون السالفة، سنة الله التي قد خلت في عباده.

وكانت مدة الأمراء قبل عبد الرحمن الداخل من يوم فتحت الأندلس إلى هزيمة يوسف الفهري والصميل ستاً وأربعين سنة وشهرين وخمسة أيام، لأن الفتح كان حسبما تقدم لخمسٍ خلون من شوال سنة اثنتين وتسعين، وهزيمة يوسف يوم الأضحى لعشرٍ خلون من ذي الحجة سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة، والله غالب على أمره.

وحكي أن عبد الرحمن بن معاوية دخل يوماً على جده هشام، وعنده أخوه مسلمة بن عبد الملك، وكان عبد الرحمن إذ ذاك صبياً، فأمر هشام أن ينحّى عنه، فقال له مسلمة: دعه يا أمير المؤمنين، وضمه إليه ثم قال: يا أمير المؤمنين هذا صاحب بني أمية، ووزرهم عند زوال ملكهم، فاستوص به خيراً، قال: فلم أزل أعرف مزيةً من جدي من ذلك الوقت.

وكان الداخل يقاس بأبي جعفر المنصور في عزمه وشدته وضبط المملكة، ووافقه في أن أم كل منهما بربرية، وأن كلاً منهما قتل ابن أخيه، إذ قتل

<<  <  ج: ص:  >  >>