للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المونقة، فصادف أبا بكر ابن القوطية المذكور صادراً عنها، وكانت له أيضاً هناك ضيعة، قال: فلما رآني عرج علي، واستبشر بلقائي، فقلت مداعباً له:

من أين أقبلت يا من لا شبيه له ... ومن هو الشمس والدنيا له فلك قال: فتبسم وأجاب بسرعة:

من منزل تعجب النساك خلوته ... وفيه ستر على الفتّاك إن فتكوا فما تمالكت أن قبّلت يده، إذ كان شيخي ودعوت له، انتهى.

وهو صاحب كتاب " الأفعال " الذي فتح به هذا الباب، فتلاه ابن القطاع، وله كتاب " المقصور والممدود " جمع فيه مالا يحد ولا يعد، وأعجز من بعده به، وفاق من تقدمه، رحمه الله تعالى ورضي عنه.

وممن أخذ عن أبي علي القالي بالأندلس أبو بكر محمد الزبيدي صاحب كتاب " مختصر العين " وغيره، وكان الزبيدي كثيراً ما ينشد:

الفقر في أوطاننا غربة ... والمال في الغربة أوطان

والأرض شيء كلّها واحدٌ ... والناس إخوانٌ وجيران وترجمه الزبيدي واسعة (١) ، وكان مؤدب المؤيد هشام، ووصفه بأنه كان في صباه في غاية الحذق والذكاء، رحمه الله تعالى.

وكان القالي قد بحث على ابن درستويه كتاب سيبويه، ودقق النظر، وانتصر للبصرين، وأملى شيئاً من حفظه ككتاب " النوادر والأمالي "، و " المقصور والممدود "، و " الإبل والخيل "، و " البارع في اللغة " نحو خمسة آلاف


(١) انظر ترجمة الزبيدي في الجذوة: ٤٣ وابن الفرضي ٢: ٩٢ والمغرب ١: ٢٥٠ واليتيمة ٢: ٧١ وابن خلكان ٤: ٧ وإنباه الرواة ٣: ١٠٩ ومعجم الأدباء ١٨: ١٨٠ والوافي ٢: ٢٥١ وبغية الوعاة: ٣٤ وانظر كتاب الحركة اللغوية في الأندلس ففيه دراسة لأهم مؤلفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>