للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي مؤانس غربتي وتحفّظي ... من صفر أيامي ومن مستعملي (١)

عبدٌ جذبت بضبعه ورفعت من ... مقداره أهدى إليك بإيّل

سميته غرسيّةً وبعثته ... في حبله ليصحّ فيه تفاؤلي

فلئن قبلت قتلك أنفس منّةً ... أسدى بها ذو منحة وتطول

صبحتك غادية السرور وجلّلت ... أرجاء ربعك بالسحاب المخضل (٢) فقضي قي سابق علم الله سبحانه وتعالى أن ملك الروم غرسية أسر في ذلك اليوم الذي بعث فيه بالإيل، وسماه باسمه على التفاؤل، انتهى.

وكان غرسية أمنع من النجم، وسبب أخذه أنه خرج يتصيد، فلقيته خيل للمنصور من غير قصد، فأسرته وجاءته به، فكان هذا الاتفاق مما عظم به العجب (٣) .

ولنزد من أخبار صاعد فنقول: حكي أن المصور قال بسبب هذه القضية: أنه لم يتفق لصاعد هذا الفأل الغريب إلا لحسن نيته وسريرته، وصفاء باطنه، فرفع قدره من ذلك اليوم فوق ما كان، ورجحه على أعدائه، وحق له ذلك.

وفي الزهرة الثامنة والعشرين من كتاب " الأزهار المنثورة في الأخبار المأثورة " حكي أن صاعداً قال (٤) : جمعت خرق الأكياس والصرر التي قبضت فيها صلات المنصور محمد بن أبي عامر، فقطعت لكافور الأسود غلامي منها قميصاً كالمرقعة، وبكرت به معي إلى قصر المنصور، فاحتلت قي تنشيطه حتى طابت نفسه فقلت: يا مولانا لعبدك حاجة، فقال: اذكرها، قلت:


(١) رواه في الجذوة:
مولاي مؤنس غربتي متخطفي ... من ظفر أيامي، ممنع معقلي (٢) البيت مضطرب في الأصل: منحتك ... يعزة، وحللت أوجا، وقد اعتمدت رواية الجذوة.
(٣) الخبر عن كيفية أسر غرسية في الذخيرة ٤ / ١: وهو مختلف عما قال المقري.
(٤) في الذخيرة: ١٦ شبيه بهذه القصة، غير أن ما ورد هنالك يحكي أن صاعدا هو الذي لبس القميص تحت ثيابه فلما خلا المجلس ورأى فرصة لما أراد تجرد وبقي في القميص المخيط من الخرائط.

<<  <  ج: ص:  >  >>