للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدنى، وأوقد النار الحربية من طرابلس إلى تونس مع ابن غانية اللمتوني، وحديثه مشهور (١) ، وتمام الأبيات:

الله يعلم أنّي ما دعوتكم ... دعاء ذي قوّةٍ يوماً فينتقم

ولا لجأت لأمرٍ يستعان به ... من الأمور وهذا الخلق قد علموا

لكن لأجزي رسول الله عن نسبٍ ... ينمى إليه وترعى تلكم الذّمم

فإن أتيتم فحبل الوصل متصلٌ ... وإن أبيتم فعند السيف نحتكم ثم قال السرخسي: وبلغني أن قوماً من الغرباء قصدوه، ومعهم حيوانات معلمة منها أسد وغراب، أما الأسد فيقصده من دون أهل المجلس، ويربض بين يديه، وربما أومأ بالسجود ومد ذراعيه، وأما الغراب فكان يقول: النصر والتمكين لسيدنا أمير المؤمنين، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

أنس الشبل ابتهاجاً بالأسد ... ورأى شبه أبيه فقصد

أنطق الخالق مخلوقاته ... شهدوا والكلّ بالحقّ شهد

أنّك الخيرة من صفوته ... بعدما طال على الناس الأمد فأعطاهم وكساهم، وأحسن حباهم.

وبلغني أن قوماً أتوه بفيلٍ من بلاد السودان هدية، فأمر لهم بصلة، ولم يقبله منهم، وقال: نحن لا نريد أن نكون أصحاب الفيل.

وقال لي يوماً: كيف ترى هذه البلاد وأين هي من بلادك الشامية فقلت: يا سيدنا، بلادكم (٢) حسنة أنيقة مجملة مكملة، وفيها عيب واحد، فقال: ما هو فقلت: أنها تنسي الأوطان، فتبسم وظهر لي إعجابه


(١) تجد تفصيلا لأعمال قراقوش وابن غانية في رحلة التجاني وتاريخ ابن الأثير وابن خلدون (الجزء السادس) والبيان المغرب (الجزء الثالث) وراجع كتابي " تاريخ ليبيا ": ١٥٧ - ١٩٤.
(٢) ق: بلاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>