الرطبة محلى بالسنبوسق والكباب، ويليه عندهم لون التقلية المنسوبة إلى زرياب.
ومما أخذه عنه الناس بالأندلس تفضيلة آنية الزجاج الرفيع على آنية الذهب والفضة، وإيثاره فرش أنطاع الأديم اللينة الناعمة على ملاحف الكتان، واختياره سفر الأديم لتقديم الطعام فيها على الموائد الخشبية إذ الوضر يزول عن الأديم بأقل مسحة، ولبسه كل صنف من الثياب في زمانه الذي يليق به، فإنه رأى أن يكون ابتداء الناس للباس البياض وخلعهم للملون من يوم مهرجان أهل البلد المسمى عندهم بالعنصرة الكائن في ست بقين من شهر يونية الشمسي من شهورهم الرومية، فيلبسونه إلى أول شهر أكتوبر الشمسي منها ثلاثة أشهر متوالية ويلبسون بقية السنة الثياب الملونة، ورأى أن يلبسوا في الفصل الذي بين الحر والرد المسمى عندهم الربيع من مصبغهم جباب الخز والملحم والمحرر والدراريع التي لا بطائن لها لقربها من لطف ثياب البياض الظهائر التي ينتقلون إليها لخفتها وشبهها بالمحاشي، ثياب العامة، وكذا رأى أن يلبسوا في آخر الصيف وعند أول الخريف المحاشي المروية والثياب المصمتة وما شاكلها من خفائف الثياب الملونة ذوات الحشو والبطائن الكثيفة، وذلك عند قرس البرد في الغدوات، إلى أن يقوى البرد فينتقلوا إلى أثخن منها من الملونات، ويستظهرون من تحتها إذا احتاجوا إلى صنوف الفراء.
واستمر بالأندلس أن كل من افتتح الغناء قيبدأ بالنشيد أول شدوه بأي نقر كان، ويأتي إثره بالبسيط، ويختم بالمحركات والأهزاج تبعاً لمراسم زرياب. وكان إذا تناول الإلقاء على تلميذ يعلمه أمره بالقعود على الوساد المدور المعروف بالمسورة، وأن يشد صوته جداً إذا كان قوي الصوت، فإن كان لينه أمره أن يشد على بطنه عمامة، فإن ذلك مما يقوي الصوت، ولا يجد متسعاً في الجوف