للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أعانتهم على الشعر أنسابهم العربية، وبقاعهم النضرة وهممهم الأبية، ولشطار الأندلس من النوادر والتنكيتات، والتركيبات وأنواع المضحكات، ما تملأ الدواوين كثرته، وتضحك الثكلى وتسلي المسلوب قصته، مما لو سمعه الجاحظ لم يعظم عنده ما حكى وما ركب، ولا استغرب أحدٌ ما أورده ولا تعجب، إلا أن مؤلفي هذا الأفق طمحت هممهم عن التصنيف في هذا الشأن فكان يمر بياعاً، فقمت محتسباً للظرف فتداركته جامعاً فيه ما أمسى شعاعاً، انتهى.

[٦ - رسالة ابن الحزم في فضل الأندلس (١) ]

قلت: وقد رأيت أن أذكر رسالة أبي محمد ابن حزم الحافظ التي ذكر فيها بعض فضائل علماء الأندلس، لاشتمالها على ما نحن بصدده. وذلك أنه كتب أبو علي الحسن بن محمد بن أحمد بن الربيب التميمي القيرواني (٢) ، إلى أبي المغيرة عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الرحمن بن حزم يذكر تقصير أهل الأندلس في تخليد (٣) أخبار علمائهم ومآثر فضائلهم وسير ملوكهم، ما صورته:

كتبت يا سيدي، وأجل عددي، كتب الله تعالى لك السعادة، وأدام لك العز والسيادة، سائلاً مسترشداً، وباحثاً مستخبراً، وذلك أني فكرت في بلادكم إذ كانت قرارة كل فضل، ومنهل كل خير، ومقصد كل طرفة، ومورد كل تحفة، وغاية آمال الراغبين، ونهاية أماني الطالبين، إن بارت تجارة فإليها


(١) سماها ابن خير (الفهرسة: ٢٢٦) رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها.
(٢) ترجم العمري في المسالك ١١: ٣١٩ نقلا عن أنموذج ابن رشيق لمن اسمه ابن الربيب القاضي الحسين بن محمد التميمي، وقال إن أصله من تاهرت، وكان عارفا بالأدب وعلم النسب قوي الكلام يتكلفه بعض تكلف، وكان عبد الكريم النهشلي أستاذ ابن رشيق يعده شاعرا مقدما.
(٣) ب: تخليص.

<<  <  ج: ص:  >  >>