للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العميشل، فإذا أدرك بغيته، واخترمته منيته، ودفن مع أدبه وعلمه، فمات ذكره، وانقطع خبره، ومن قدمنا ذكره من علماء الأمصار احتالوا لبقاء ذكرهم احتيال الأكياس فألفوا دواوين بقي لهم بها ذكر مجدد طول الأبد.

فإن قلت: إنه كان مثل ذلك من علمائنا، وألفوا كتباً لكنها لم تصل إلينا، فهذه دعوى لم يصحبها تحقيق لأنه ليس بيننا وبينكم غير روحة راكب، أو رحلة قارب، لو نفث من بلدكم مصدور، لأسمع من ببلدنا في القبور، فضلاً عمن في الدور والقصور، وتلقوا قوله بالقبول كما تلقوا ديوان أحمد بن عبد ربه الذي سماه بالعقد، على أنه يلحقه في بعض اللوم، لا سيما إذ لم يجعل فضائل بلده واسطة عقده، ومناقب ملوكه يتيمة سلكه، أكثر الحز وأخطأ المفصل، وأطال الهز بسيف غير مقصل، وقعد به ما قعد بأصحابه من ترك ما يعنيهم، وإغفال ما يهمهم. فأرشد أخاك أرشدك الله واهده هداك الله إن كانت عندك في ذلك الجلية وبيدك فصل القضية، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فكت بالوزير الحافظ أبو محمد عل يبن أحمد بن سعيد بن حزم عند وقوفه على هذه الرسالة، ما نصه:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سبدنا محمد عبده ورسوله، وعلى أصحابه الأكرمين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته الفاضلين الطيبين.

أما بعد يا أخي يا أبا بكر (١) ، سلامٌ عليك سلام أخ مشوق طالت بينه وبينك الأميال والفراسخ وكثرت الأيام والليالي ثم لقيك (٢) في حال سفر ونقلة، ووادك في خلال جولة ورحلة، من مجاورتك أرباً، ولا بلغ في


(١) هو أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي الإسحاقي الوزير، من أهل الأدب والفضل (الجذوة: ٤٢) وقد كان صديقا لابن حزم يتنقلان معا في أرجاء الأندلس، واعتقلهما خيران معا كذلك.
(٢) ق م: لقيتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>