للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمطلب، فيما يستأنف إن شاء الله تعالى، وذلك أن جميع المؤرخين من أئمتنا السالفين والباقين، دون محاشاة أحد، بل قد تيقنا إجماعهم على ذلك، متفقون على أن ينسبوا الجل إلى مكان هجرته التي استقر بها ولم يرحل عنها رحيل تركٍ لسكناها إلى أن مات، فإن ذكروا الكوفيين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم صدروا بعلي وابن مسعود وحذيفة رضي الله تعالى عنهم، وإنما سكن علي الكوفة خمسة أعوام وأشهراً، وقد بقي ٥٨ عاماً وأشهراً بمكة والمدينة شرفهما الله تعالى. وكذلك أيضاً أكثر أعمار من ذكرنا، وإن ذكروا البصريين بدأوا بعمران بن حصين وأنس بن مالك وهشام بن عامر وأبي بكرة، وهؤلاء مواليدهم وعامة زمن أكثرهم وأكثر مقامهم بالحجاز وتهامة الطائف، وجمهرة أعمارهم خلت هنالك، وإن ذكروا الشاميين نوهوا بعبادة ابن الصامت وأبي الدرداء وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ ومعاوية، والأمر في هؤلاء كالأمر فيمن قبلهم، وكذلك في المصريين عمرو بن العاص وخارجة بن حذافة العدوي، وفي المكيين عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، والحكم في هؤلاء كالحكم فيمن قصصنا فمن هاجر إلينا من سائر البلاد فنحن أحق به، وهو منا بحكم جميع أولي الأمر منا الذين إجماعهم فرض إتباعه، وخلافه محرم اقترافه (١) ، ومن هاجر منا إلى غيرنا فلاحظنا فيهن والمكان الذي اختاره أسعد به، فكما لا ندع إسماعيل بن القاسم (٢) فكذلك لا ننازع في محمد بن هانئ سوانا (٣) ، والعدل أولى ما حرص عليه، والنصف أفضل ما دعي إليه، بعد التفصيل الذي ليس هذا موضعه، وعلى ما ذكرنا من الأنصاف تراضى الكل.


(١) م: اقترابه؛ ق: اقترانه.
(٢) يريد أبا علي القالي، أي أنه يعده أندلسيا - حسب مقياسه - لأنه هاجر إلى الأندلس واقام فيها حتى توفي.
(٣) سوانا: سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>