للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق إلى ديانته، فاختلف الناس عليهم، وقتلوا بعضهم، واستجاب لهم كثيرٌ منهم، وكان من أسرعهم إجابةً لمن جاءه من هؤلاء (١) الحواريين خشندش (٢) ملك القوط، فتنصر، ودعا قومه إلى النصرانية، وكان من صميم أعاظمهم وخير من تنصر من ملوكهم، وأجمعوا على أنّه لم يكن فيهم أعدل منه حكماً، ولا أرشد رأياً، ولا أحسن سيرةً، ولا أجود تدبيراً، فكان الذي أصّل النصرانية في مملكته، ومضى أهلها على سنّته إلى اليوم، وحكموا بها، والإنجيلات في المصاحف (٣) الأربعة التي يختلفون فيها من انتساخه وجمعه وتثقيفه، فتناسقت ملوك القوط بالأندلس بعده إلى أن غلبتهم العرب عليها، وأظهر الله تعالى دين الإسلام على جميع الأديان.

فوقع في تواريخ العجم القديمة أن عدّة ملوك هؤلاء القوط بالأندلس من عهد أتاناوينوس الذي ملك في السنة الخامسة من مملكة فلبش القيصري لمضي أربعمائةٍ وسبع من تاريخ الصفر المشهور عند العجم إلى عهد لذريق آخرهم الذي ملك في السنة التاسعة والأربعين وسبعمائةٍ من تاريخ الصفر، وهو الذي دخلت عليه العرب فأزالت دولة القوط، ستةٌ وثلاثون ملكاً، وأن مدّة أيام ملكهم (٤) بالأندلس ثلاثمائةٍ واثنتان وأربعون سنةً، انتهى.

وقال جماعة: إن القوط غير البشتولقات، وإن البشتولقات من عجم رومة، وإنهم جعلوا دار ملكهم ماردة، واتصل ملكهم إلى أن ملك منهم سبعةٌ وعشرون ملكاً، ثم دخل عليهم القوط، واتخذوا طليطلة دار مملكةٍ، ثم ذكر تنصر ملكهم خشندش مثل ما تقدّم، ثم ذكر أن عدّة ملوك القوط ستةٌ ثلاثون ملكاً.


(١) هؤلاء: سقطت من ق.
(٢) الروض المعطار: دخشوش، وفي بعض أصوله " خنشوش "؛ وفي ابن عذاري: وخشندش.
(٣) الروض: والمصاحف.
(٤) ق: مدة ملكهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>