للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما العدد والهندسة فلم يقسم لنا في هذا العلم نفاذ، ولا تحققنا به، فلسنا نثق بأنفسنا في تمييز المحسن من المقصر في المؤلفين فيه من أهل بلدنا إلا أني سمعت من أثق بعقله ودينه من أهل العلم ممن اتفق على رسوخه فيه يقول: إنه لم يؤلف في الأزياج مثل زيج مسلمة (١) وزيج ابن السمح (٢) ، وهما من أهل بلدنا، وكذلك كتاب المساحة المجهولة لأحمد بن نصر فما تقدم إلى مثله في معناه.

وإنما ذكرنا التآليف المستحقة للذكر، والتي تدخل تحت الأقسام السبعة (٣) التي لا يؤلف عاقل عالم إلا في أحدها، وهي إما شيء لم يسبق إليه يخترعه، أو شيء ناقص يتمه، أو شيء مستغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مؤلفه يصلحه. وأما التواليف المقصرة عن مراتب غيرها فلم نلتفت إلى ذكرها، وهي عندنا من تأليف أهل بلدنا أكثر من أن نحيط بعلمها.

وأما علم الكلام فإن بلادنا وإن كانت لم تتجاذب فيها الخصوم، ولا اختلفت فيها النحل، فقل لذلك تصرفهم في هذا الباب، فهي على كل حال غير عرية عنه، وقد كان فيهم قوم يذهبون إلى الاعتزال، نظار على أصوله، ولهم فيه تواليف: منهم خليل بن إسحاق (٤) ، ويحيى بن السمينة (٥) ، والحاجب موسى بن حدير وأخوه الوزير صاحب المظالم أحمد (٦) ، وكان داعية إلى الاعتزال


(١) يعني أبا القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي (توفي ٣٩٨) ، وله تعديل زيج البتاني. انظر ابن أبي أصيبعة ٢: ٣٩ وطبقات صاعد: ٧٨ وتاريخ الحكماء: ٣٢٦ وملحق بروكلمان.
(٢) هو أصبغ بن محمد بن السمح المهندس الغرناطي، ألف زيجا على أحد مذاهب الهند (وتوفي سنة ٤٢٦) ، انظر ابن أبي أصيبعة ٢: ٣٩ وطبقات صاعد: ٧٩ وملحق بروكلمان.
(٣) قارن هذا بما ذكره ابن حزم في كتاب " التقريب لحد المنطق " ص: ١٠.
(٤) لعل صوابه " خليل بن عبد الملك " وهو من أصحاب ابن مسرة، وعليه درس ابن السمينة (ابن الفرضي ١: ١٦٥ والتكملة: ٣٠٩) .
(٥) يحيى بن السمينة توفي سنة ٣١٥ (انظر الجذوة: ٣١٦ والبغية رقم: ١٣٢٠) .
(٦) راجع ترجمة موسى بن حدير في الجذوة: ٣١٦ والبغية رقم: ١٣٢٠، وكان أخوه أحمد بن محمد صاحب الوزارة أيام عبد الرحمن الناصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>