للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستتر بذلك. ولنا على مذهبنا الذي تخيرناه من مذاهب أصحاب الحديث كتاب في هذا المعنى (١) ، وهو وإن كان صغير الجرم قليل عدد الورق يزيد على المائتين زيادة يسيرة فعظيم الفائدة لأنا أسقطنا فيه المشاغب كلها، وأضربنا عن التطويل جملة، واقتصرنا على البراهين المنتخبة من المقدمات الصحاح الراجعة إلى شهادة الحس وبديهة العقل لها بالصحة. ولنا فيما تحققنا به تآليف جمة، منها ما قد تم، ومنها ما شارف التمام، ومنها ما قد مضى منه صدر ويعين الله تعالى على باقيه، لم نقصد به قصد مباهاة فنذكرها، ولا أردنا السمعة فنسميها، والمراد بها ربنا جل وجهه، وهو ولي العون فيها، والمللي بالمجازاة عليها، وما كان لله تعالى فسيبدو، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وبلدنا هذا - على بعده من ينبوع العلم، ونأيه من محلة العلماء - فقد ذكرنا من تآليف أهله ما إن طلب مثلها بفارس والأهواز وديار مضر وديار ربيعة واليمن والشام أعوز وجود ذلك، على قرب المسافة في هذه البلاد من العراق التي هي دار هجرة الفهم وذويه ومراد المعارف وأربابها.

ونحن إذا ذكرنا أبا الأجرب جعونة بن الصمة الكلابي (٢) في الشعر لم نباه به إلا جريراً والفرزدق، لكونه في عصرهما، ولو أنصف لاستشهد بشعره، فهو جارٍ على مذهب الأوائل، لا على طريقة المحدثين، وإذا سمينا بقي بن مخلد لم نسابق به إلا محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وسليمان بن الأشعث وأحمد بن شعيب النسائي، وإذا ذكرنا قاسم بن محمد (٣) لم نباه به إلا القفال ومحمد بن عقيل الفريابي، وهو شريكهما في صحبة المزني أبي (٤) إبراهيم والتلمذة له، وإذا نعتنا عبد الله بن قاسم بن هلال ومنذر بن سعيد لم نجار


(١) أغلب الظن أنه يعني كتاب " المجلى " وهو متن شرحه بالمحلى.
(٢) ترجمة أبي الأجرب في الجذوة: ١٧٧ وبغية الملتمس رقم: ٦٢٦ والمغرب ١: ١٣١.
(٣) قد مر ذكره، وهذا النص عنه ثابت في الجذوة.
(٤) في الأصول: بن.

<<  <  ج: ص:  >  >>