للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها الحصى الملون العجيب الذي يجعله رؤساء مراكش في البراريد (١) والرخام الصقيل الملوكي وواديها المعروف بوادي بجانة من أفرج الأودية، ضفتاه بالرياض كالعذارين حول الثغر، فحق أن ينشد فيها:

أرض وطئت الدر رضراضاً بها ... والترب مسكاً والرّياض جنانا (٢) وفيها كان ابن ميمون القائد الذي قهر النصارى في البحر، وقطع سفرهم فيه، وضرب على بلاد الرمانية، فقتل وسبى، وملأ صدور أهلها رعباً، حتى كان منه كما قال أشجع (٣) :

فإذا تنبّه رعته وإذا غفا ... سلّت عليه سيوفك الأحلام وبها كان محط مراكب النصارى، ومجتمع ديوانهم، ومنها كانت تسفر (٤) لسائر البلاد بضائعهم، ومنها كانوا يوسقون جميع البضائع التي تصلح لهم، وقصد بضبط ذلك بها حصر ما يجتمع في أعشارهم، ولم يوجد لهذا الشأن مثلها، لكونها متوسطة ومتسعة قائمة بالوارد والصادر، وهي أيضاً مصنع للحلل الموشية النفيسة.

وأما مرسية فإنها حاضرة شرق الأندلس، ولأهلها من الصرامة والإباء ما هو معروف مشهور، وواديها قسيم وادي إشبيلية، كلاهما ينبع من شقورة وعليه من البساتين المهتدبة الأغصان، والنواعير المطربة الألحان، والأطيار المغردة، والأزهار المتنضدة، ما قد سمعت، وهي من أكثر البلاد فواكه وريحاناً، وأهلها أكثر الناس راحات وفرجاً لكون (٥) خارجها معيناً على ذلك


(١) ب: البواريد.
(٢) ب م: جنابا.
(٣) هو أشجع السلمي، وبيته من قصيدة في مدح الرشيد.
(٤) م: تسافر؛ وكانت سقطت من ق.
(٥) ب: يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>