للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في وقته شاعر المغرب ويشهد له بقوة عارضته وسلامة طبعه قصائده التي صارت مثالاً، وبعدت على قربها منالاً، وشعره كثير يشتمل على أكثر من تسعة آلاف وأربعمائة بيت، واتصل بالأمير أبي عبد الله ابن سعد ابن مردنيش، وله فيه أمداح، وأنشد يوسف بن عبد المؤمن يهنيه بفتح:

إنّ خير الفتوح ما جاء عفواً ... مثل ما يخطب الخطيب ارتجالا وكان أبو العباس الحراوي حاضراً، فقطع عليه لحسادةٍ وجدها، وقال: يا سيدنا اهتدم بيت وضاح:

خير شرابٍ ما كان عفواً ... كأنّه خطبة ارتجال فبدر (١) المنصور، وهو حينئذ وزير أبيه وسنه قريب العشرين، وقال: إن كان اهتدمه فقد استحقه لنقله إياه من معنى خسيس إلى معنى شريف، فسر أبوه بجوابه، وعجب الحاضرون.

ومر المنصور أيام إمرته بأونبة (٢) من أرض شلب، فوقف على قبر الحافظ أبي محمد ابن حزم، وقال: عجباً لهذا الموضع، يخرج منه مثل هذا العالم، ثم قال: كل العلماء عيال على ابن حزم، ثم رفع رأسه وقال: كما أن الشعراء عيال عليك يا أبا بكر، يخاطب ابن مجبر.

ومن شعر ابن مجبر يصف خيل المنصور من قصيدة في مدحه:

له حلبة الخيل العتاق كأنّها ... نشاوى تهاوت تطلب العزف والقصفا

عرائس أغنتها الحجول عن الحلى ... فلم تبغ خلخالاً ولا التمست وقفا

فمن يققٍ كالطّرس تحسب أنّه ... وإن جرّدوه في ملاءته التفّا


(١) م: فنطق.
(٢) ق: بأوقية؛ ب: بأوقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>