للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحدقوا إليها تحديق الرقيب إلى الحبيب، والمريض إلى الطبيب، فجعلت تتلفت تلفت الظبي المذعور، أفرقه القانص فهرب، وتتثنى تثني الغصن الممطور عانقه النسيم فاضطرب، فسألوه العمل في وصفها، فقال: هذا يصلح أن يعكس فيه قول العطار الأزدي القيرواني:

أعرضن لمّا أن عرضن، فإن يكن ... حذراً فأين تلفّت الغزلان ثم صنع:

لها ناظرٌ في ذرا ناضرٍ ... كما ركّب السنّ فوق القناة

لوت حين ولّت لنا جيدها ... فأيّ حياةٍ بدت من وفاة

كما ذعر الظبي من قانصٍ ... فمرّ وكرّر في الالتفات (١) ثم صنع أيضاً:

ولطيفة الألفاظ لكن قلبها ... لم أشك منه لوعةً إلاّ عتا

كملت محاسنها فودّ البدر أن ... يحظى ببعض صفاتها أو ينعتا

قد قلت لمّا أعرضت وتعرضت ... يا مؤيساّ يا مطعماّ قل لي متى

قالت أنا الظبي الغرير وإنما ... ولّى وأوجس نبأةً (٢) فتلفّتا قال علي بن ظافر: وحضر يوماً عند بني خليف بظاهر الإسكندرية في قصر رسا بناؤه وسما، وكاد يمزق بمزاحمته أبواب السما، قد ارتدى جلابيب السحائب ولاث عمائم الغمائم، وابتسمت ثنايا شرفاته، واتسمت بالحسن حنايا غرفاته، وأشرف على سائر نواحي الدنيا وأقطارها، وحبته الرياض بما ائتمنتها عليه السحب من ودائع أمطارها، والرمل بفنائه قد نثر تبره في زبرجد


(١) سقط هذا البيت من ب.
(٢) في الأصول: نبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>