للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبصار، ومطمح الأنفس، ولم تخل من أشرافٍ أماثلٍ، وعلماءٍ أكابرٍ، وشعراءٍ أفاضلٍ، انتهى؛ ولو لم يكن لها إلى ما خصّها الله تعالى به من المرج الطويل العريض ونهر شنيل لكفاها.

وفي بعض كلام لسان الدين ما صورته: وما لمصر تفخر بنيلها وألفٌ منه في شنيلها (١) ؟ يعني أن الشين عند أهل المغرب عددها ألف، فقولنا شنيل إذا اعتبرنا عدد شينه أن كان ألف نيل، انتهى؛ وفيها قيل:

غرناطة ما لها نظيرٌ ... ما مصر ما الشام ما العراق؟

ما هي إلى العروس تجلى ... وتلك من جملة الصّداق وتسمى كورة إلبيرة التي منها غرناطة، دمشق، لأن جند دمشق نزولها عند الفتح، وقيل: وإنما سميت بذلك لشبهها بدمشق في غزارة الأنهار، وكثرة الأشجار، حكاه صاحب مناهج الفكر (٢) ، قال: ولما استولى الفرنج على معظم بلاد الأندلس انتقل أهلها إليها فصارت المصر المقصود، والمعقل الذي تنضوي إليه العساكر والجنود. ويشقّها نهرٌ عليه قناطر يجاز عليها، وفي قبليها جبل شلير (٣) ، وهو جبلٌ لا يفارقه الثلج صيفاً وشتاءً، وفيه سائر النبات الهندي، لكن ليس فيه خصائصه، انتهى.

ومن أعمال غرناطة قطر لوشة (٤) ، وبها معدن للفضة جيدٌ، ومنها، أعني لوشة، أصل لسان الدين بن الخطيب. وهذا القطر ضخمٌ ينضاف إليه من الحصون


(١) شنيل (أو سنجيل) هو نهر غرناطة، كما سيأتي بعد سطور، وهو يصب في نهر الوادي الكبير.
(٢) سنعرف به فيما يلي ص: ١٥٩.
(٣) شلير أو جبل الثلج هو ما يسمى سير انفادا، وشلير من اللاتينية (Solarius) أي المشمس، لانعكاس أشعة الشمس على ثلوجه، أما سير انفادا فتعني الجبال الثلجية.
(٤) لوشة (Loja) على بعد خمسة وخمسين كيلومتراً إلى الغرب من غرناطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>